ماري ناصيف دبس ماري ناصيف دبس

الاستراتيجية الصهيونية ضد لبنان

توضحت استراتيجية حكومتي الكيان الصهيوني والولايات المتحدة تحت نورٍ جديد في بداية الأسبوع الثاني للعدوان الشامل ضد لبنان وشعبه، منذ الحدود الشمالية للبلاد حتى الجنوب الذي دمّر تدميراً شبه كامل.

بالفعل، اختفت فجأةً الذريعة المقدمة في 12 حزيران والمستندة إلى «تحرير الجنديين الرهينتين» لتحل محلها تصريحات تتعلق بضرورة وضع حدٍ بالنسبة للبنان لتواجد حزب الله و«تغيير الجلد» على جميع الأصعدة، والأهم هو التحول إلى دولة تابعة ليست لديها أية إمكانية عسكرية أو اقتصادية تسمح لها بالتأثير على الدولة العبرية أو بإعاقة مشاريعها أو مشاريع الولايات المتحدة في المنطقة العربية بأكملها. هذا ما يمكننا – على عجل حقاً – استنتاجه من مختلف التصريحات الصادرة عن مختلف وزراء حكومة إيهود أولمرت، دون أن ننسى رئيس الوزراء نفسه.

ما هي أبرز نقاط تلك التصريحات؟

1ـ الاجتثاث «النهائي» لتواجد حزب الله، ليس فقط على المستوى العسكري، بل كذلك على الصعيد السياسي...

2ـ بعد ذلك على الفور، تطبيق البنود الأخرى للقرار 1559؛ ولا سيما البند المتعلق بانتخاب رئيس جديد غير إميل لحود، ليس فقط لأنّ إعادة تنصيبه في العام 2005 كانت بفعل التواجد السوري في لبنان، بل بالأخص لأنّه أعلن عدة مرات أنه صديق لحسن نصر الله، كما أعلن مساندته غير المشروطة للمقاومة ضد «إسرائيل».

3ـ نزع سلاح الفلسطينيين في لبنان، وهذا يشمل الأسلحة داخل المخيمات وخارجها، مما يمنع عنهم أية إمكانية لرفض المصير الذي تحضره لهم «إسرائيل» مثلما تحضره للفلسطينيين الآخرين في غزة (الذين يجري التوجه لطردهم إلى لبنان) والذي لا يتضمن حق العودة لأي منهم.

لتنفيذ مثل هذه الاستراتيجية، تفرض عدة شروط نفسها. لقد ذكرنا في هذا الصدد الخطة ذات النقاط الثلاث التي صادقت عليها الإدارة الأمريكية ومجموعة الثمانية بأكملها...

لكن تبقى هنالك بنود أخرى ينبغي تنفيذها، ومن بينها تدمير الجيش اللبناني الحالي الذي ترفض حكومة أولمرت، في حين تطالب بتواجد قوات «الشرعية» اللبنانية في الجنوب، تواجده قرب حدودها، لأنه ليس «ضماناً» في المستقبل القريب، حتى وإن لم يتورط في المعارك: إنه جيش «ذو أغلبية شيعية»، «ترشده» دمشق ولا يزال موالياً للحود.

هذه هي الأسباب التي دفعت لقصف مراكز الجيش، سواء على الساحل أم في المناطق الداخلية، على الرغم من أنّه لم يتورط من قريب ولا من بعيد في ردٍ واحد على الاعتداءات الإسرائيلية اليومية.

كل هذا يعني أنّ الحرب القاتلة الجارية ضد لبنان ليست قريبةً من النهاية. سوف تتواصل الانتهاكات العسكرية التي تزرع الموت والدمار وتتكثف، كما ستتعزز المقاومة.