جيم هايتاور جيم هايتاور

تهجئة التعافي: عين ميم لام.. يا رجل!

الركود انتهى! الاقتصاد عاد للنمو! مؤشر داو جونز تجاوز حاجز عشرة الآلاف! المصرفيون يجبون الأرباح والإعانات السخية! عادت أيام الفرح والبهجة من جديد!
طبعاً، إلا إذا كنت مجرد عامل مثابر، يناطح انخفاض مستوى الدخل وارتفاع مستوى البطالة، وتتلمس عدم قدرة عائلتك على الاستمرار بطريقة عيشها السابقة كعائلة من الطبقة الوسطى. أهلاً وسهلاً بك في أمريكا تكتكات العد التنازلي اقتصادياً.

 آخر الأرقام عن الأعمال والأشغال يسلخ جلد ابتسامة الاقتصاديين والسياسيين المدعين بانتهاء الركود الكبير:

- 10.2% من قوة العمل الأمريكية عاطلة رسمياً عن العمل، أي ما يقارب 16 مليون إنسان.
- إضافة إلى 15 مليون آخرين، إما محبطين من رحلة البحث غير المجدي عن عمل إلى درجة الكف عن البحث، أو شبه عاطلين عن العمل استقروا على عمل بدوام جزئي لساعات محدودة أسبوعياً، وما زالوا بحاجة إلى عمل بدوام كامل ويبحثون عنه. وإذا جمعنا الرقم الرسمي المعلن مع رقم شبه العاطلين عن العمل ترتفع نسبة فاقدي العمل إلى 17.5%، أي عامل من كل ستة عمال.
- أكثر من ثلث المعتبرين عاطلين رسمياً عن العمل، بقوا أكثر من ستة أشهر بلا عمل، وهو رقم قياسي بالنسبة لعمال الدوام الكامل الثابت.
- حوالي 15% من العاطلين عن العمل حائزون على شهادات جامعية، إضافة إلى أعداد الذين بلا عمل ممن يدرسون في الجامعات.
- شهر تشرين الثاني كان الشهر رقم 22 للبطالة وفقدان الوظائف، الفترة الأطول منذ عام 1939. ومنذ شهر كانون الأول 2007، ألغي ما يقارب الـ 7.3 مليون وظيفة، وبدء الركود. وفي الفترة نفسها دخل سوق العمل 2.8 مليون عامل جديد، أي أن اقتصادنا اليوم قاصر بنسبة 10.1 مليون فرصة عمل عليه تعويضها، لنعود إلى الوضع السابق للأزمة فقط.
- رغم أن وسطي الدخل ارتفع بشكل طفيف في العام الماضي، إلا أن وسطي الأجر الأسبوعي بقي راكداً نظراً لتخفيض ساعات عمل العمال.

لذلك اعذروا الغالبية العظمى من الأمريكيين التي تمتنع عن المشاركة في بهجة مهرجان أخبار عودة الازدهار إلى جانب أولئك الذين يعتلون قمة هرم الاقتصاد الأمريكي المشذّبة. ورجاءً «بليز»! توقفوا عن إهانة العمال بإعلانكم الناشز أن الاقتصاد يشهد «تعافيَ البطالة». ليس لأنه متناقض فقط، بل لأنه أبله أيضاً.
فالاقتصاد لا يتعافى ما لم تتعافَ الغالبية العظمى من الشعب. (تخيلوا مثلاً لو أن العائلات العاملة تعيش حالة ازدهار بينما تستمر أرباح الشركات بالانخفاض لمدة 22 شهراً متواصلاً، أكان الاقتصاديون والسياسيون سيفلتون لو استخدموا عبارة «تعافي الأرباح»؟).
وأكثر ما يثير الغيظ أن الحديث عن التعافي غالباً يقوم على أساس بعث أرباح «وول ستريت» وتجديدها. فما يتجاهله أصحاب المصارف المبتهجون هو أن ليس لهم الربح (ولا المصارف) إلا الثلاثة عشر تريليون دولار التي منحتهم إياها واشنطن كتعويض من الأموال العامة.
إن هدف هذا الإنقاذ غير المسبوق للبنوك المنهارة كان عودتها النشطة للأعمال، بما يكفي لبدء عملية توظيف الناس وإعادة بناء أسس الاقتصاد الذي حطمه جشع وول ستريت. لكن المثير للدهشة أن تعويض أصحاب المصارف كان مجانياً غير مشروط! فبدل أن تنصبّ رؤوس الأموال في صالح الولايات، عادت إلى المضاربات «الكازينو ستايل» لتضع في جيبها أكثر من 100 مليار دولار إضافية.

إنهم لصوص. لقد سرقوا أموالنا العامة، وأعمالنا، وتطلعاتنا «الوسطبقية». لقد آن أوان شدّهم من شعورهم القصيرة، وإجبارهم على تقديم القروض التي يحتاجها الاقتصاد الحقيقي، وإلا فلتغلق مصارفهم وتحوّل رؤوس أموالهم إلى البنوك الحكومية وبنوك الائتمان التي تستثمر في مجالات الأعمال الإنتاجية، وتشغيل عمال الولايات المتحدة.
قبل فترة قصيرة، وبعدما ظهرت آخر الأرقام الإحصائية عن البطالة وأعداد العاطلين عن العمل، انبرى الرئيس أوباما بالقول «لن أرتاح حتى يجد كل أمريكي عملاً». عذراً، هذا يشبه أن يقول المحامي لموكله «سأخرجك من السجن وإن كلفني ذلك بقية حياتك!».
على أية حال، عمال أمريكا ومجتمعها لا يحتاجون إلى ضمانات رئاسية. إنما يحتاجون أفعالاً شجاعة وفورية. ألم يقل أوباما في العام الماضي أثناء حملته الانتخابية «علينا تمرير خطة إنقاذ الاقتصاد من أجل الطبقة الوسطى، ليس بعد خمس سنين، ولا بعد سنة واحدة، علينا أن نفعل ذلك الآن».
أين ذهب ذاك الرجل؟
معلق إذاعي وكاتب أمريكي، مؤلف كتاب «السباحة عكس التيار»
www.creators.com