سفير كوبا في دمشق: يدعو أحرار العالم لدعم رفع الحصار
قبل أيام من انعقاد اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في 28 تشرن الأول لتجديد طلب كوبا مناقشة قضية الحصار الأمريكي المفروض عليها منذ قرابة خمسين عاماً، عقد السفير الكوبي بدمشق «لويس ماريسي فيغيريدو» مؤتمراً صحفياً دعي إليه عدد من ممثلي وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية بدمشق.
وأدان السفير خلال المؤتمر سياسة الحصار التي تفرضها الولايات المتحدة على بلاده بما يتنافى مع أبسط المعايير والمواثيق الدولية ومن بينها ميثاق الأمم المتحدة ذاتها، مشيراً إلى بعض الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي تتعرض لها كوبا من جرائه.
ودعا السفير الكوبي الصحفيين إلى عدم الانجرار وراء الكلام المعسول الذي تطلقه الإدارة الأمريكية الجديدة في البيت الأبيض لأن هذه الإدارة لم تتخذ أية خطوة عملية فعلياً من أجل إنهاء الحصار الاقتصادي والتجاري والمالي، بل على العكس، تم انتهاك قرار الجمعية العامة بشكل صارخ عبر قيامها بالعديد من التحركات التي تعزز سياسة الحصار الذي حظيت الدعوة لرفعه العام الماضي بتأييد 185 بلداً في الجمعية العامة للأمم المتحدة مقابل اعتراض 3 دول هي؛ الولايات المتحدة، وإسرائيل، وجزر مارشال المجهرية في المحيط الهادئ بموازاة امتناع 4 دول عن التصويت.
وأوضح السفير أن نسبة التصويت هذه على مسودة القرار التي تتقدم بها كوبا منذ 17 عاماً تضم عملياً حتى حلفاء واشنطن في أوروبا وأمريكا الشمالية، مطالباً أحرار العالم بدعم هذا المطلب الكوبي المشروع، موضحاً أن حجم الضرر الاقتصادي المباشر الذي حل بالشعب الكوبي نتيجة الحصار تجاوزت خسائره (96) مليار دولار، حسب سعر صرف الدولار منذ فرض الحصار أي ما يعني بأسعار اليوم أكثر من 236 مليار دولار، دون احتساب الأضرار المباشرة التي لحقت بأهداف اقتصادية واجتماعية في البلاد بسبب أعمال تخريبية وإرهابية يتم تشجيعها وتنظيمها وتمويلها أمريكياً، وهو الأمر الذي يشكل، حسب التقرير الكوبي حول قرار الجمعية العامة المذكور، العقبة الرئيسية أمام التنمية العامة في البلاد.
وأكد إن أكثر الأمور ضرراً كانت في المجال الصحي فقد بلغت قيمة الأضرار التي لحقت بقطاع الصحة العامة خلال الفترة الممتدة بين شهري أيار 2008، ونيسان 2009 أكثر من 25 مليون دولار. وتعود بشكل أساسي إلى الحاجة لشراء منتجات وتجهيزات من أسواق بعيدة واستخدام الوسطاء في ذلك، بما يتبعه من ارتفاع في النفقات، فضلاً عن منع علماء واختصاصيين كوبيين، في مجال الصحة من المشاركة في المؤتمرات والمحافل العلمية في الولايات المتحدة.
وأشار السفير إلى أن الأطفال هم أكثر الفئات تضرراً نتيجة الحصار وذلك لصعوبة استقدام الدواء اللازم للعلاج وخاصة المصابين منهم بسرطان الدم والأمراض الداخلية. كما أشار إلى الخسائر الجسيمة التي لحقت بكوبا في قطاعات التربية والتعليم والثقافة والصناعة والإنشاءات.
ورداً على سؤال حول أهم الوسائل التي اعتمدتها كوبا بما يمكنها من الصمود في وجه الحصار طيلة العقود الماضية، قال السفير الكوبي إن ذلك يتمثل في الوحدة الوطنية الداخلية، والتأسيس لمرتكزات الثورة بقيادة فيدل سابقاً والآن مع راؤول، وكذلك يتمثل بالشفافية والمكاشفة وتواصل الحكومة مع الشعب وإعلامه عن المشاكل الخارجية والداخلية التي يعانيها وأسبابها والمسؤول عنها، وأيضاً من خلال استعداد الكوبيين للدفاع عن أرضهم ودعم الجيش في ذلك، وتأطير الناس في الاتحادات النقابية والمهنية، إلى جانب مكاسبهم في غياب الأمية وارتفاع المستويين الصحي والتعليمي، إذ أن اقل درجة تحصيل علمي في كوبا هي الشهادة الإعدادية.
ورداً على سؤال استطرادي لـ«قاسيون» حول وجود محاسبة للمسؤولين الكوبيين المقصرين في خدمة المواطنين، أوضح السفير أن ذلك لا يتم غالباً على الملأـ لدواع تتعلق بالأمن الخارجي ووجود كوبا على تخوم الولايات المتحدة- وإنما ضمن المؤسسات المعنية في الحزب والدولة، مستشهداً بحالة مسؤول حزبي حكومي اتهم بالفساد وتم تحويله للمحكمة الحزبية قبل طرده من صفوف الحزب وقيادته وتجريده من مهامه الحكومية.
ورداً على سؤال آخر لـ«قاسيون» حول طبيعة الجهود التي تبذلها هافانا لإطلاق سراح معتقليها الخمسة من السجون الأمريكية (هيراردو نورديلو، رامون سالاسار، انطونيو رودريغيز، فرناردو يورت، ريتيه سيهواريت)، جدد السفير الكوبي التأكيد على أن حكومته تعمل بكل الوسائل الشرعية والدستورية لإطلاق سراحهم، عبر فريق من المحامين والحقوقيين الذين ينشطون في الولايات المتحدة لمتابعة هذه القضية حتى نهاياتها، ليس فقط في تخفيف الأحكام أو إعادة النظر فيها، بل في تبرئتهم وإعادتهم إلى كوبا، موضحاً أن الاتهامات الموجهة إليهم بالتجسس لاغية ولا أساس لها من الصحة كونهم كانوا يعملون على تحديد الخلايا الإرهابية الناشطة ضد أمن وسيادة كوبا انطلاقاً من الأراضي الأمريكية، ومن فلوريدا وميامي تحديداً.
وعن العلاقات السورية - الكوبية وآفاقها المستقبلية أشار السفير إلى أن العلاقات السياسية متينة جداً ومتطورة، وأن كوبا على استعداد لتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية لتكون بمستوى العلاقات السياسية. وقال: هناك اتفاقية اقتصادية مشتركة بين البلدين، وعلاقات تجارية واسعة، وسيكون هناك تعاون دوائي بإقامة معمل للأدوية في سورية، وإيجاد خط عربي بين سورية وكوبا من الممكن أن يزور موانئ أخرى في أمريكا اللاتينية.