كيثي سانبورن كيثي سانبورن

مزيد من النساء والأطفال في الشوارع

صورة طفلة ترتجف جائعة وما من مكانٍ تنام فيه. تم تسريح أمها منذ ستة أشهر ولم تتمكن من إيجاد عمل جديد، وقد طردت للتو من بيتها. ولأن الملاجئ المحلية ممتلئةٌ على آخرها، فستقضي الأم وابنتها الليل في البرد القارص دون سقف يغطيهما. تلك الصورة مؤلمة ومزعجة، لكنها حقيقية بالمطلق: مزيد من النساء والأطفال مرميون في الشوارع، منبوذون ووحيدون في هذه الولايات المتحدة الأمريكية 

 

 

 

 

 

 

 

يقول مارتن فايس من مجلة «المال والأسواق»: «وفقاً لتقريرٍ صدر في 10 آذار من هذا العام، فإن أكثر من 1.5 مليون طفل أمريكي فقدوا أمان النوم في غرف نومهم... نتيجةً لذلك، فطفل من كل خمسين طفلاً هم الآن دون مأوى، ناهيك عن الهاربين من منازلهم».

«المحظوظون» منهم مفروضون على الأسرة أو الأصدقاء أو الأقارب. والأقل حظاً ينامون في سيارة الأسرة أو يجدون أنفسهم في الملاجئ المكتظة والصاخبة والخطرة غالباً، أو أسوأ من ذلك.

«منبوذو أمريكا الأصغر سناً»، التقرير الذي يشير إليه فايس، أصدره المركز القومي للأسر المشردة. قاموا بدراسة البيانات بين العامين 2005 و2006 بغرض التوصل لاستنتاجاتهم المريعة؛ تعود البيانات التي قاموا بتحليلها إلى سنوات ماضية، وبالتالي لا نستطيع إلا تخمين العدد الحالي للأولاد المرميين في الشوارع في أنحاء البلاد.

أكدت مديرة المركز، أيلين باسوك، أن أعداد المشردين ستتصاعد طالما يتواصل ارتفاع أعداد المنازل المغلقة. بناءً على الإحصاء الأخير، فإن 34 بالمائة من المشردين هم أسر مع أولادها، وتقف على رأس الأسرة امرأة في 84 بالمائة من تلك الحالات.

المفجع في الأمر أن المركز يذكر أن 42 بالمائة من الأولاد المشردين تقل أعمارهم عن ست سنوات. يتضمن ذلك بطبيعة الحال الأكثر هشاشة منهم: الأطفال. تخيّل لو شئت رضيعاً عاجزاً وجائعاً يتعرض لدرجات حرارة أقل من درجة التجمد. يجب ألاّ يعاني أي طفل من هذا العذاب.

من ضمن الولايات التي تحوز على أفظع الدرجات والمذكورة في تقرير المركز حول الأسر المشردة، بدءاً بالأسوأ، الولايات التالية: تكساس، جورجيا، أركنساس، نيو مكسيكو، لويزيانا، نيفادا، كارولينا الشمالية، فلوريدا، ميسيسيبي، كاليفورنيا.

فضلاً عن ذلك، تتشارك ثلاث ولايات بعار حيازة العدد الأكبر من الفتية المشردين: لويزيانا، 204053، وكاليفورنيا، 292624، وتكساس، 337105 من الأطفال المشردين. لسوء الحظ، من المتوقع تزايد هذه الأعداد مع تضاؤل فرص العمل وتزايد أعداد المنازل المغلقة.

بدأت وسائل الإعلام الرئيسية، ولو تدريجياً، تتطرق إلى أن مشكلات التشرد والمساكن في الولايات المتحدة قد تكون نتيجةً مباشرة لجملة كوارثنا المالية. تقول صحيفة سكرامنتو بيي: «... تجاوز عدد الأسر المشردة مع أطفالها 14.3 بالمائة خلال العام 2007، وهو ميلٌ قال المراقبون إنه يعكس على الأرجح الاقتصاد المتداعي والبطالة وانهيار الرهون العقارية».

حين تصبح الأسر مشردةً وفق المعدلات المسجلة بسبب احتضار الاقتصاد، لا تكون دائماً ظاهرة للعيان. واقع الحال أن كثيراً من الأمهات المشردات بصحبة أطفالهن مخفياتٌ تقريباً عن عيون الناس. تصنف مقالة رويترز (ينبثق التشرد المخفي كلما ازداد وضع الاقتصاد الأمريكي سوءاً) المشردين الذين ينامون في سياراتهم أو في المستودعات الشاغرة في خانة «المشردين المخفيين». كما أنّ الأشخاص الذين يعيشون عند أصدقائهم أو أقاربهم لملجأ مؤقت هم جزءٌ من هذه المجموعة.

هل تعتقدون بأنّ هذا الميل للتشرد قصير الأمد؟ فكروا ثانيةً. عموماً، تضاعف عدد الأسر التي تبحث عن مأوى وعن مساعدات غذائية في الأشهر الأخيرة، وفقاً لمشروع الإقامة الطارئة ومقره أريزونا. منذ بضعة أسابيع فقط، ذكر ملجأ القديس يوحنا في ساكرامنتو أنه كان يمتنع عن استقبال ما معدله 230 امرأة وطفل في اليوم، أما الآن فقد ارتفع المعدل إلى 300 يومياً، وقال إن كثيرين يعانون من الاقتصاد المتردي.

إذا كانت الملاجئ عبر البلاد تغلق أبوابها في وجوه النساء والأطفال بسبب نقص الأماكن، فأين يمكن للأسر اليائسة أن تجد مكاناً لتبيت فيه؟ إن لم يوجد مكان آخر، فقد تكون المخيمات هي الملاذ الأخير. لكن من المؤكد أن مدن الأكواخ لن تكون مشهداً يلاقي ترحيباً كبيراً.

تعتبر الأمهات العازبات، اللواتي يصطحبن أولادهن، أن المبيت في المخيمات هو الملاذ الأخير. ليس فقط للمخاطر التي يمكن أن تنطوي عليها، بل لأن شروط المخيمات غير الصحية تجعل عيش المشردات فيها كابوساً لا يطاق.

لكن ما هي الخيارات الأخرى لديهن؟ ليست كثيرةـ وحتى ما يدعى بالحلول التي يقدمها مسؤولو الحكومة يمكن ألا يتم اللجوء إليها إلاّ كملاذٍ أخير.

نظراً لسوء سمعة غالبية مدن الأكواخ في البلاد، تم إغلاق مخيم ساكرامنتو. أبلغ ضباط الشرطة المشردين أن عليهم مغادرة المخيم أو أنهم سيتعرضون للاعتقال.

جهز موظفو ساكرامنتو ملاجئ مؤقتة للمشردين، لكن المنشآت الجديدة ستغلق في هذا الصيف بسبب الافتقار إلى الموارد. مما سيعبد الدرب أمام تكاثر مخيمات أخرى. وفقاً لجمعية خبز وسمك في سكرامنتو، «أغلق ملجأ الشتاء أبوابه في الأول من تموز، ما سيدفع حوالي 160 شخصاً للعيش في الشوارع مجدداً، إضافة لمن سينضم إليهم من ساكني المخيم».

هل تتذكرون أيام سيرك الخيمة؟ قد نشاهد خيمة سيرك مجدداً، لكنها ستستخدم هذه المرة بطرق أكثر معاصرة: إيواء أكبر قدر من المشردين في ظلها.

الملف من إعداد وترجمة قاسيون