مطرقة ومنجل.. رغم أنوف الكارهين

العداء للشيوعية لم يتوقف في أوربا بعد عقدين من انهيار الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية العالمية. وإن دل هذا على شيء فهو يدل على حالة الرعب التي تعيشها البرجوازيات الأوربية عندما يشاهدون صور لينين وغيفارا وروزا لوكسمبورغ على ملابس الشبيبة المهمشة في بلدانهم ويرتجفون خوفاً من كاريزمية ستالين وتراثه الثوري. وتلاحظ هذه الممارسات المعادية للشيوعية بكثرة في بلدان أوربا الشرقية، بما فيها تشيكيا ومورافيا والجمهوريات اليوغسلافية وجمهوريات البلطيق في البلدان التي حكمتها أحزاب شيوعية في الماضي.

مولدافيا في عامين:

جمهورية مولدافيا التي كانت جمهورية اتحادية اشتراكية ضمن الاتحاد السوفييتي أصبحت جمهورية مستقلة بعد انهيار الاتحاد منذ عقدين. وتمارس فيها حتى اليوم من قبل جهات مختلفة حملة ممنهجة معادية للشيوعية. ففي منتصف نيسان 2009 هاجم قوميون وليبراليون ونازيون جدد مبنى البرلمان في العاصمة كيشينوف بعد فوز الشيوعيين الساحق للمرة الثانية في الانتخابات وهم الذين حكموا البلاد بين 2000 و2009، ولكن اتهمتهم القوى الموالية للغرب بتزوير الأصوات، مما أسفر عن إلغاء نتائجها. وفي 31 أيار 2010 اقترح الرئيس المولدافي ميخاي جيمبو على البرلمان الذي يترأسه حظر الحزب الشيوعي المولدافي بسبب «الجرائم التي ارتكبها النظام الشيوعي» وتم تحويل الاقتراح إلى لجنة تقييم النظام الشيوعي في البرلمان لكن تم رفض ذلك الاقتراح في البرلمان حتى من أعضاء الائتلاف الحاكم الليبرالي حليف الغرب.

كما جرت حملة مسعورة أخرى لإزالة ما تبقى من «تماثيل الرموز السوفييتية» مما سبب تظاهرات ضد حكومة الائتلاف الحاكم وإصلاحاته السياسية وسياساته الاقتصادية الليبرالية المدمرة صيف 2010.

جرت الانتخابات البرلمانية في مولدافيا أواخر تشرين الثاني 2010 وأسفرت عن فوز الحزب الشيوعي بالمرتبة الأولى إذ حصل على نسبة %2،41 من الأصوات حصل بموجبها على 44 من أصل 101 مقعداً في البرلمان وقد أظهرت هذه النتيجة تقدم الحزب الشيوعي على بقية الأحزاب وجماهيريته الكبيرة في أوساط الشعب المولدافي وخاصة في العاصمة كيشينوف وان كل ممارسات العداء للشيوعية لا تستطيع اقتلاع جذورها في أوساط الشعب. 

مولدافيا2011:

في 22 أيار 2011 نظم الحزب الشيوعي مظاهرات واحتجاجات في ثلاث أكبر مدن في البلاد هي كاغول وسوروكي وأورغييف مطالبين باستقالة السلطات الليبرالية في مولدافيا   شارك فيها الآلاف. كما نظم الشيوعيون مظاهرة ضخمة في 29 أيار الماضي في العاصمة كيشينوف أكبر قواعد الحزب شعبية شارك فيها 70 ألف شخص مطالبين بإقالة التحالف من أجل التكامل الأوربي الحاكم. وقد حمل المتظاهرون لافتات يصل طولها 30 متراً مرددين هتافات من مثل: مولدافيا تختار النصر، ويسقط التحالف، وتسقط السلطة المؤقتة!

وأعلن المحتجون أن السلطات الحالية رفعت خلال العامين الماضيين الأسعار والتعريفات وديون البلاد مؤدية بمولدافيا إلى كارثة اجتماعية واقتصادية وإدارية مما قضى على عملية التكامل الأوربي وأدى إلى استبداله بالخيانة الوطنية وإزالة نظام الدولة.

واللافت في هذه المظاهرة هو شعار: (ارحل) الذي رفعه المتظاهرون تعبيراً عن استلهامهم لشعارات الثورات والانتفاضات العربية.

هذه الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في مولدافيا منذ أيار الماضي تقرأ ضمن سياقين، سياق اشتداد الأزمة العامة للرأسمالية واشتداد الصراع الطبقي في البلدان الرأسمالية، وسياق الثورات والانتفاضات في البلدان العربية والتي شاهدنا مؤشرات انتقالها إلى بعض دول أوربا وكذلك الجمهوريات السوفييتية السابقة مثل أذربيجان ومولدافيا مع ما يرافق ذلك من تأثيرات على تطور مستقبل هذه البلاد التي تؤكد شعوبها أنها سترفع المطرقة والمنجل والراية الحمراء رغم أنوف الليبرالية الجديدة.

قال نيلسون مانديلا عندما كان معتقلاً:(ليس العظمة في عدم السقوط بتاتاً بل في النهوض بعد كل سقوط)