ما وراء التعاطف الدولي مع اللاجئين العراقيين؟؟

أكثر من أربعة ملايين عراقي يعيشون حالياً خارج منازلهم أو وطنهم، من ضمنهم 800 ألف شخص هربوا من ديارهم بعد تصاعد العنف قبل عام، وفق تقرير صدر مؤخراً عن منظمة الأمم المتحدة للاجئين.

95 % تقريباً ممن هربوا من العراق لجؤوا إلى بعض بلدان الشرق الأوسط، منهم 2 مليون يعيشون في سورية والأردن. كذلك ارتفع عدد العراقيين في الدول الغربية، بخاصة أوروبا، بنسبة 77% (22 ألف) عام 2006.

بلغ عدد المشردين من ديارهم ممن استمروا البقاء في العراق 1.9 مليون، يُقيم أغلبهم مع أقربائهم أو أصدقائهم، ويُشاركون القليل مما لديهم من المأوى والمأكل. يعيش معظم المشردين واللاجئين في فقر مدقع، وتتوفر لهم قلة قليلة من الرعاية الصحية والخدمات التعليمية.

كررت وكالة الأمم المتحدة للاجئين أن هذه الأزمة العراقية هي أكبر موجة هجرة للسكان منذ تهجير الفلسطينيين من وطنهم بعد قيام «إسرائيل» 1948. وتُضيف أن الأزمة الإنسانية في العراق تزداد سوءاًً، وتتوالى هذه الموجة بهروب أكثر من 50 ألف عراقي شهرياً من وطهنم الذي دمّرته الحرب.

«لا تقف معاناة العراق عند عمق الأزمة السياسية والأمنية، بل تتعداه إلى بروز أزمة إنسانية ضخمة متواصلة تؤثر على ملايين المدنيين»، حسب جون هولمز- رئيس الوكالة الدولية للشؤون الإنسانية بمناسبة افتتاح مؤتمر على مدى يومين ألقى الضوء على مأزق اللاجئين العراقيين.

من الواضح أن المجتمع الدولي ركّز انتباهه على الاضطراب الشديد turmoil الحاصل داخل العراق، بينما أهمل الأزمة الإنسانية. قالها رئيس المفوضية العليا للاجئين- الأمم المتحدة لاجتماع جنيف وبحضور رسميين من 60 دولة.

«ليس هناك انتباه كاف لحقيقة أن أربعة ملايين من العراقيين اقتُلعوا من منازلهم ويعيشون في ظروف صعبة جداً داخل وخارج العراق»، حسب غيترز. وأضاف «جاء الوقت لكي يستجيب المجتمع الدولي استجابة أصيلة بتقديم المساعدات الملائمة للمشردين والمهجرين العراقيين، وكذلك إلى الدول المضيّفة التي تحتضن المهاجرين العراقيين».

ذكر غيترز الحاجة إلى المزيد من الفعل داخل العراق للحد وإيقاف تشرد وهجرة الناس. وأثنى على «كرم» الأردن وسورية باحتضان اللاجئين العراقيين في أراضيها، موضحاً أن البلدين قدّما الملجأ لهم «دون مساعدة تُذكر من الخارج».

تُطالب الأمم المتحدة تقديم الدول الثرية، وقبلها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي، تعهداتها لدعم الأردن وسورية، وأيضاً استقبالها في أراضيها بعضاً من أكثر اللاجئين العراقيين ضعفاً.

يُحذّر الرسميون في مجال المساعدات الإنسانية بأن الطرق القانونية للدول الإقليمية لهروب العراقيين إلى أراضيها قد قُطعت من قبل حكومات عديدة، في حين أن الهيئات الإقليمية داخل العراق بدأت تتخلى عن الناس المشردين. وهذا ما يزيد من تفاقم أزمة هؤلاء الناس داخل البلاد وخارجها.

صرّحت منظمة مراقبة حقوق الإنسان HRW أن بلدان الجوار بدأت «تغلق أبوابها» في وجه اللاجئين الهاربين من العراق بإصدار التعليمات المشددة، كما بدأت السعودية بناء جدار عازل على حدودها مع العراق بكلفة سبعة بلايين دولار( ●)!!

كذلك حذّرت منظمة الهجرة الدولية IOM بأن حوالي نصف المحافظات العراقية الـ 15 الوسطى والجنوبية ترفض استقبال اللاجئين القادمين إليها من المناطق الأخرى المضطربة!

«هؤلاء الهاربين من العنف والتهديدات بحاجة إلى مساعدات ضرورية وعاجلة، بدءاًً بضيافتهم»، قالها رفيق تشانين- رئيس لجنة الهجرة الدولية IOM في العراق. «إذا لم يتمكنوا من الحصول عليها داخل العراق سينتهون إلى أن يصبحوا لاجئين في الدول المجاورة التي سبق وأن وفّرت الملجأ لحوالي مليوني عراقي وأصبحت مضغوطة بدرجة عالية»..

في رسالة مصوّرة (فيديو) أخبر الأمين العام للأمم المتحدة اجتماع الثلاثاء (مؤتمر اللاجئين العراقيين- جنيف) أن على الدول المجاورة للعراق عدم إغلاق حدودها بوجه اللاجئين.

«آمل أن يقود هذا المؤتمر إلى تحريك سريع وفعال للدعم العالمي بتوفير المزيد من الحماية والمساعدة للاجئين العراقيين، وتعبئة الموارد لإقامة فضاء أوسع للحماية المطلوبة. وبالنسبة إلى دول الجوار، هذا يعني ضرورة إبقاء الحدود مفتوحة والتزام مبدأ عدم إجبار اللاجئين على العودة»..

وفي الوقت نفسه، ذكرت منظمة مراقبة حقوق الإنسان أن كلاً من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تتحمل، بشكل خاص، المسئولية لمساعدة الناس المشرّدين والمُهجرين داخل العراق وخارجه لأنها خلقت هذا الصراع.

"إنها أشعلت الحرب التي تسببت مباشرة في موت الآلاف. نشرت، على نحو واسع، الرعب والمعاناة. وأجبرت الناس على التشرد والهجرة،" حسب التصريح الحزين لمدير الهجرة في HRW- بيل فريلك. أضاف "وهذه الظروف فجّرت بدورها ظاهرة الصراع الطائفي التي تسببت في المزيد من العنف، الاضطهاد والتشرد/ الهجرة وبأعداد ضخمة." 

............................................

 ● المصدر:

The continuing plight of Iraqi refugees, By: Amina Anderson, Aljazeera.com-April 17,2007.

( ●) لمزيد من المعلومات، أنظر مقالة مترجمة سابقة بعنوان: جدار فصل سعودي لعزل العراق، نُشرت في مواقع الكترونية عديدة منتصف أكتوبر/ ت1 2006. 

آخر تعديل على الأحد, 13 تشرين2/نوفمبر 2016 23:48