في شد الحبال بين موسكو وواشنطن.. روسيا تعزز إمكانياتها العسكرية

تزداد المؤشرات بخصوص بروز توجه غير متبلور كلياً بعد لدى روسيا للانتقال إلى الفعل على الساحة الدولية في مواجهة استفحال سياسة الهيمنة والإقصاء والتهديد الأمريكية، ولكن دون أن يعني ذلك إمكانية الركون إلى ثبات سياسة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

غير أن النبرة التصعيدية بخصوص كوسوفو، ومعاهدة القوات التقليدية في أوربا، والدرع الصاروخي الأمريكي، التي بات يعتمدها بوتين، الذي تدرك واشنطن براغماتيته، أجبر الأخيرة وأدواتها على محاولة التهدئة معه وخطب وده من باب سبر مواقفه، وربما مطالبه، مع بقاء روسيا بسكانها وثرواتها ومساحتها الجغرافية ومجمعها العسكري مصدر التهديد الاستراتيجي الأكبر للولايات المتحدة.

واختارت موسكو تاريخ زيارة الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ياب دي هوب شيفر إليها بهدف تلطيف الأجواء بين الجانبين لتعلن أنها بدأت الإنتاج بالجملة لطراز مطور من الصواريخ العابرة للقارات، مضيفة أنها دخلت الآن مرحلة جديدة وحاسمة من إعادة تجهيز كل القوات الإستراتيجية النووية والأنظمة التشغيلية والتكتيكية بالمعدات، وذكرت بالاسم نظام توبول إم الثابت والمتحرك بعيد المدى المزود بأنواع مختلفة من الرؤوس الحربية، ونظام اسكندر ام قصير المدى.

ورافق ذلك أنباء عن تطوير روسيا لجيل جديد من أسلحة الدفاع الجوي المضادة للطائرات يعتمد على النظم الإلكترونية المجهرية والنظم المعلوماتية وتقنية الروبوت بما فيها نظام صاروخي محمول على الكتف. إلى جانب منظومات أخرى لحماية القوات والمنشآت المدنية والصناعية من هجوم بأسلحة ذات دقة عالية، مع نظم صاروخية تتصدى لطائرات مقاتلة في أي وقت على مدار الساعة.

ويبدو أن هذا الإعلان، من ضمن عوامل أخرى، من بينها إعلان بوتين منذ مطلع الشهر الجاري أنه سيعيد تصويب الصواريخ الروسية باتجاه أوربا، وبعدها إعلانه أن روسيا بقوتها المتنامية عادت إلى البلقان ومنطقة البحر الأسود، ويجب الآن أن يحسب لها حساباً، ساهم في دفع شيفر نحو استجداء موسكو بمقولة «لا يمكننا الاستغناء عن بعضنا».

أندريه فاسيليف - المحلل العسكري من وكالة نوفوستي قال تحت عنوان «ساعة الكشف عن صدق النوايا الأمريكية» استشهد بما ذكره معهد ستوكهولم للدراسات من أن الميزانية العسكرية الأمريكية بلغت في السنوات الأخيرة 528 مليار دولار (فقط لاغير!!)، حيث تنفق هي وحلفاؤها في الناتو 66% من إجمالي النفقات العسكرية في العالم، مقابل 3% فقط هي حصة روسيا، بما ينفي العودة إلى سباق التسلح.

ويتابع: «الولايات المتحدة ترى أنه على روسيا أن تسحب قواتها من أبخازيا، التي تطالب بالانفصال عن جورجيا، وبيردنيستروفيا التي تطالب بالانفصال عن ملدافيا، وبعد ذلك فقط تقوم الدول الأخرى بالتصديق على اتفاقية الأسلحة التقليدية(في أوروبا). وهنا لا بد من التذكير أن تلويح روسيا بالانسحاب من هذه الاتفاقية، الأساس في أمن القارة الأوربية، يعود إلى مجموعة أسباب، أهمها استياء موسكو من عدم توقيع عدد من الدول الأعضاء الجدد في الناتو للاتفاقية المذكورة، في وقت اقترح فيه دانييل فريد نائب وزيرة الخارجية الأميركية، نشر قوة حفظ سلام دولية في منطقة النزاع بين بريدنيستروفيا وملدافيا. والأغلب أن الولايات المتحدة ستكون المشارك الأول في هذه القوات إذا تم نشرها».

وللعلم فإن بعض الإحصائيات تشير إلى أن حجم الإنفاق على التسلح بلغ في عام 2005، 1118 مليار دولار، ليرتفع خلال عام واحد أي في 2006 إلى 1204 مليار دولار.

وتشير دراسات المعهد الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم والمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في لندن والمركز الدولي للتنمية في بون ـ إلى تطورٍ مقلقٍ يشهده الكوكب الذي خصص في العام 2006 أكثر من 2.5 بالمائة من الناتج الداخلي الإجمالي، أي 184 دولار لكل نسمة للنفقات العسكرية (135 دولاراً في العام 2001).

وتتحمل الولايات المتحدة، التي تمثّل نفقاتها 47 بالمائة من مجمل الإنفاق العالمي، مسؤوليةً كبيرةً في هذه العسكرة المتزايدة، ولاسيما عبر حربي العراق وأفغانستان، في حين أتى 707 ملياراً من أصل المليارات الـ1118 المنفقة في العام 2005، من أعضاء مجموعة الثماني الكبار، وذلك مقابل (106.8 مليار دولار في العام 2005) قدمت كمساعدات للتنمية وللدول الفقيرة، وهي مقارنة تكشف الطابع الخداع للخطاب حول التضامن الدولي.

آخر تعديل على الأحد, 20 تشرين2/نوفمبر 2016 22:36