أوباما والنزاعات الدولية: ما خفي كان أعظم..!
تحت هذا العنوان كتب الصحفي الأمريكي جيم لوب، في نشرة «أي بي اس»، ما يندرج في سياق التبرير المسبق لأية «قرارات عسيرة قد يضطر لاتخاذها الرئيس الأمريكي باراك أوباما»، وذلك ضمن قراءة صحيحة نسبياً لتطورات الأوضاع الأمريكية والعالمية ولكن من منظور مختلف لجهة من تخدم هذه القراءة، التي نعيد نشرها دون تحرير أو تعليق:
نجح الرئيس الأمريكي باراك أوباما في أول مائة يوم من حكمه في تحسين سمعة الولايات المتحدة في الخارج، لكنه غالباً ما ستثير المائة يوم القادمة أمامه سلسلة من التحديات الضخمة في مجال السياسة الخارجية، سوف تضطره إلى اتخاذ قرارات عسيرة تجاه النزاعات الراهنة والمرتقبة.
فإلى جانب احتمال تمخض الأزمة الاقتصادية عن تداعيات تفوق تقديرات البيت الأبيض، وكذلك آثار انفلونزا الخنازير، سوف يضطر الرئيس أوباما إلى مواجهة صعوبات جمة أغلبها في الشرق الأوسط جنوب غرب آسيا، دون استبعاد أن تتشعب الأزمات لتتجاوز حدود ما يسمى «أوراسيا».
فمثلاً، لا يستبعد أن يتسبب قيام كوريا الشمالية بإجراء تجربة نووية ثانية، الآن وقد طردت خبراء الأمم المتحدة في بداية أبريل، أن يتسبب في سلسلة من التوترات في شمال شرق آسيا، وفي اختبار التحالف الأمريكي الياباني، وتقوية ساعد الجناح اليميني في واشنطن الذي يرى في عزم أوباما التحاور مع خصوم البيت الأبيض «سذاجة وخطورة».
لقد انقضت أول مائة يوم دون أحداث كبرى، وهنأ الجميع أوباما على وعده بالتغيير والتحاور، وسط مناخ من الأمل والتحفظ والتشكيك، ليساعده كل ذلك على بدء المائة يوم التالية انطلاقاً من موقف سياسي قوي، والاعتماد على تأييد شعبي واسع لسياسته الخارجية، حسبما تكشف استطلاعات الرأي.
لكن كل هذا لا يحول دون اضطرار الرئيس الأمريكي إلى مواجهة مصاعب خارجية جمة.
وربما تكون الأزمة الأكثر إلحاحاً، والتي أعرب أوباما في الأيام الأخيرة عن قلقه «البالغ» تجاهها، هي الوضع في باكستان حيث وسعت طالبان نطاق تحكمها في مناطق القبائل في الشمال الغربي بما يشمل وادي سوات وضواحي تبعد مائة كيلومتر، لا أكثر، عن العاصمة إسلام أباد.
يكاد ضعف حكومة الرئيس علي زرداري وتردد الجيش الباكستاني في وقف زحف طالبان باكستان، يثير إحساساً بالجزع في صفوف إدارة الرئيس أوباما وخاصة وزارة الدفاع التي تخشى كل الخشية من احتمال فشل هذه الدولة النووية في التحكم بزمام الأمور.
الآن وقد ضغطت الولايات المتحدة على الجيش للرد على الهجمات، وواصلت القوات الأمريكية غاراتها على أهداف تشتبه في انتمائها لتنظيم القاعدة وطالبان، كثف البيت الأبيض ضغوطه على الكونغرس أيضاً للموافقة على تخصيص نحو ملياري دولار بصورة مساعدات عسكرية واقتصادية لباكستان.
ثم يأتي العراق في الوقت نفسه، حيث وعد أوباما بسحب جميع القوات الأمريكية المقاتلة بحلول 2011. لكن الأوضاع في العراق تتقهقر، ليصبح شهر أبريل أكثر الشهور المنقضية منذ مارس العام الماضي عنفاً ودموية في العاصمة بغداد.
فإذا استمر العنف أو تصاعد في الشهور القادمة، وإذا لم تحل سلسلة من المشاكل الحاسمة ومنها التوتر القائم حول مصير كركوك، وفشل الحكومة المركزية أو رفضها لاحتواء الميلشيات، وتفعيل آليات تجريد القوانين من الشوائب البعثية، إذا لم يحدث كل ذلك ربما سيضطر أوباما إلى إعادة النظر في خطة سحب القوات، مع المجازفة بإثارة حفيظة الديمقراطيين القلقين من التصعيد العسكري في أفغانستان وباكستان.
كما أن باراك أوباما يواجه مشكلة فورية أخرى ستحمله على اتخاذ قرارات عسيرة أيضاً عندما يزوره رئيس حكومة إسرائيل اليميني بنيامين نيتانياهو في واشنطن في منتصف مايو. ومن الواضح أن أوباما ونتنياهو يحاولان تحاشي أية مواجهة علنية، ومع ذلك فسيكون من الصعوبة بمكان التمويه على خلافاتهما العميقة.
فإذا وقعت قطيعة بينهما، لاضطر أوباما إلى مواجهة تحديات لا مع الجمهوريين فحسب، بل والديمقراطيين المقربين من القيادات اليمينية لجماعات الضغط الإسرائيلية. أما إذا ظهر أوباما بمظهر المتهاون مع نتنياهو، خاصة حول القضية الفلسطينية، فيجازف حتماً بخسارة الكثير مما كسبه في الدول الإسلامية طيلة أيامه المائة الأولى.