أين تنشط الحركة الصهيونية بالبرازيل؟ الجزء 2
الحركة الصهيونية بالبرازيل، ليست وليدة الأمس أو اليوم، وإن تأسيسها وبداية نشاطها يصل إلى مائة عام أو يزيد، وهي تنشط بكل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والاعلامية حتى المخابراتية والعسكرية على مستوى القارة، فيسجل تاريخ الحركة الصهيونية بالبرازيل مؤسسة Teferet Sion كأول مؤسسة صهيونية تابعة للحركة الصهيونية العالمية، ويذكر تاريخ الحركة أيضاً بأن عام 1922، شهد ظهور الفيدرالية الصهيونية البرازيلية، ومنذ ذلك التاريخ والحركة تنشط بكافة المجالات تماشياً مع أهداف الحركة الصهيونية العالمية، ومبادئها وأفكارها وإيديولوجيتها، فما أسعى له هو كشف هذا النشاط ما أمكن من اجل التصدي لكافة المحاولات التي تعمل من اجلها الحركة الصهيونية من تشويه صورة الانسان العربي ومحاولة تزوير تاريخه وتراثه، وسلبه لثقافته والاساءة لعاداته وتقاليده.
ففي الجانب الإعلامي لا يوجد أدنى شك إطلاقا بأن الحركة الصهيونية لديها سيطرة شبه كاملة، من خلال امتلاكها للعديد من وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، إضافة إلى الانترنت ومواقعها التي تعد بالآلاف. وعملت المؤسسات الإعلامية التي تسيطر عليها بعض الجماعات اليهودية كشبكة تلفزيون SBT والتي تعود ملكيتها الى Silvio Santos المعروف باسمه البرازيلي هذا، وهي ثاني أكبر محطة برازيلية، وذلك من خلال برنامجين على شاشة محطته التلفزيونية على الإساءة إلى الجالية الفلسطينية والاسلامية بالبرازيل، البرنامج الأول كان ببداية التسعينات ويختص بالجالية الفلسطينية بولاية الريو غراندي دوسول بالجنوب البرازيلي، وبالاخص الجالية الفلسطينية بمدينة شوي أقصى نقطة بالجنوب البرازيلي، عندما وصف الجالية بأنها تقيم علاقات مع «منظمات إرهابية فلسطينية»، حيث تمدها بالمال والسلاح، ووصلت السذاجة بهذه المحطة لأن تتهم الجالية الفلسطينية أيضا بتخزين السلاح للقيام بأعمال «إرهابية»، أما العرض الآخر فهو وثائقي وكان ببداية هذا العقد، بعد أحداث 11 سبتمبر عام 2001، يتناول الإسلام والمسلمين والعادات الاسلامية بطريقه استفزازية هادفة الى التشويه، وما كان من المؤسسات الاسلامية إلا اللجوء إلى القضاء البرازيلي ، حيث تمكنت من الرد على هذه الادعاءات الباطلة وتفنيدها من المحطة التلفزيونية نفسها وبالتوقيت الأسبوعي نفسه، الملياردير سيلفيو سانتوس صاحب هذه المحطة قدم عام 1967 طائرة للكيان الصهيوني كهدية مكافأة له على الانتصار الذي حققه خلال حرب الأيام الستة.
خلال عام 1987 نشرت صحيفة غلوبو احدى الصحف البرازيلية الكبرى، خبراً مفاده أن رئيس شبكة غلوبو روبيرتو مارينيو تم اختياره رئيساً فخرياً للحركة الصهيونية بالبرازيل، وهذا يدل على مستوى العلاقات القوية التي تمكنت الحركة من إقامتها مع هذه الشبكة، التي تعتبر من أكبر المحطات الإعلامية البرازيلية، حيث تلفزيون غلوبو التابع لهذه الشبكة يتجاوز عدد موظفيه عشرة آلاف موظف. وإن المراقب والمتتبع لهذه الشبكة لا يمكنه إلا أن يلاحظ انحياز هذه الشبكة ومحطاتها الاعلامية الى جانب الكيان الصهيوني، حيث أكثر من مرة أساءت إلى العديد من القضايا العربية بنشراتها الاخبارية، وهي ما تصف النضال العربي والفلسطيني على وجه الخصوص «بالارهاب»، وقد تمكنت الجماعات اليهودية والحركة الصهيونية من زج العديد من اليهود للعمل بمحطة التلفزيون كمقدمين برامج تكتسب جمهوراً كبيراً اضافة الى مراسلين وصحفين ومعلقين ومحللين.
من خلال هيمنتها على وسائل الإعلام الأساسية، تعمد الحركة على تسمية مدراء مراكز واقسام متعاطفين وموالين ونشطاء للحركة الصهيونية، حيث تنشر وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الحركة الصهيونية مقالات وتعليقات حول الوضع العربي والفلسطيني بشكل خاص هادفة بالأساس إلى تشويهه والإساءة له ليظهر للجمهور البرازيلي بصورة مخالفة للواقع، من خلال تظاهر وسيلة الإعلام كالجريدة مثلا للاتصال ببعض أبناء الجالية الفلسطينية المعروفين والنشطين بوسط الجالية والمعروفين لدى القوى والاحزاب البرازيلية بدفاعهم عن القضية الفلسطينية، بحجة إجراء مقابلة صحفية، وعند صدور المقال الخاص بالموضوع الفلسطيني لا يجد القارئ إلا تشويهاً كاملاً للنضال الفلسطيني والعربي، ويضمن المقال سطرا أو سطرين من مقابلة استمرت ما يزيد على الساعة مع الفلسطيني أو العربي، تكون هذه الاضافة هي شهادة تؤكد صحة موقف كاتب المقال بادعاءاته، والثاني الإساءة الى مواقف الفلسطيني او العربي حيث يظهر للقارئ البرازيلي ان موقفه يدعم «الإرهاب» ويسيء إلى مواقفه ويشوهها أمام القوى والأحزاب البرازيلية المناصرة للقضايا العربية بشكل عام، وهذ ما نشر في بعض الصحف البرازيلية باعتبار حركتي حماس والجهاد والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين منظمات «إرهابية» بناء على مواقف بعض الوجوه الفلسطينية المعروفة بمدينة بورتو اليغري.
كذلك لم تتوان إطلاقا الحركة الصهيونية والتجمعات اليهودية ومؤسساتهم بالبرازيل، عن توجيه اتهامات معاداة السامية للعديد من الصحفيين الذين دافعوا عن القضية الفلسطينية، ولم يتوانوا إطلاقا عن ممارسة كل الضغوطات على الصحف لطرد وفصل الصحفيين المتضامنين مع النضال الفلسطيني والحقوق الفلسطينية، هؤلاء الذين دافعوا عن شرف المهنة والحق الفلسطيني من خلال تعرية الجرائم الصهيونية، واذ نتذكر الضغوطات الكبيرة التي مارستها الجماعات اليهودية والصهيونية بمدينة ريو دي جانيرو على Jornal Brasil، إحدى كبرى الجرائد البرازيلية، حيث الموقف المشرف لصاحب الجريدة عندما رفض كل الضغوطات الرامية إلى فصل الكاتب والصحفي البرازيلي Fausto Walff الذي توفي يوم 5/9/2008، وكان يعتبر المدافع الأول عن القضية الفلسطينية بالبرازيل.
ما ذكر أعلاه، ما هو إلا أمثلة بسيطة لتسليط الضوء على كيفية النشاط الصهيوني، فالحركة الصهيونية تكرس كل امكانياتها وطاقاتها، وتستغل جميع نقاط الضعف عند الطرف الفلسطيني والعربي، لتنشط باتجاه تضليل الرأي العام البرازيلي بما يتماشى مع سياسة الحركة وتوجهاتها الاستعمارية والاستغلالية والعنصرية، فالإعلام هو سلاح أساسي ومهم جداً لبلورة رأي عام عالمي مناصر لقضايا الشعوب، فاليوم قضيتنا الفلسطينية بالبرازيل وحملة التضامن معها بحالة تراجع متواصل ومستمر، نتيجة انعدام السياسة الإعلامية عند المؤسسة الفلسطينية، وشح الامكانيات والقدرات البشرية التي قد تساهم بوضع برنامج إعلامي للوصول إلى الجمهور البرازيلي.