«5 مقابل 5» اتفاق نتنياهو ـ ليبرمان يسبق حوار القاهرة

مع الإعلانات المتضاربة حول التقدم والتعثر في عمل لجان الحوار الفلسطيني الخمس في القاهرة، وقع بنيامين نتنياهو اتفاقاً مع نظيره الفاشي زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» ايفيغيدور ليبرمان حول شكل وبرنامج الحكومة الإسرائيلية القادمة يرتكز على خمسة مبادئ وخمسة وزراء سيادية لحزب ليبرمان في تحدٍ واضح للجان الحوار الفلسطيني ومن «يرعاها» في المنطقة وخارجها.

وإذا كانت بنود الاتفاق بين نتنياهوـ ليبرمان ترفض أي اتفاق مع حماس وترفض العودة لحدود 5 حزيران 1967، وعدم وقف الاستيطان وإخراج موضوع وحدة القدس تحت السيطرة الإسرائيلية من أي نقاش، وعدم القبول بحق العودة، فإن الحوار الفلسطيني تحت «الرعاية المصرية» مازال يراوح في مكانه وفي الأواني المستطرقة للجانه الخمس.
وحسب صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية: اتفقت مجموعة كبيرة من القياديين العسكريين والأمنيين السابقين ورجال الاقتصاد في الكيان الصهيوني على تشكيل «فريق تفكير استراتيجي» لمساعدة حكومة نتنياهو القادمة وتقديم المشورة لها، وإنجاح برنامجها.
... وهنا لا يحتاج المرء إلى كبير تفكير حتى يدرك أننا أمام حكومة حرب صهيونية يجري تشكيلها وتفوق كل سابقاتها عنصرية وتطرفاً، خاصة أن وزير خارجيتها سيكون ليبرمان نفسه الذي سبق له أن طالب بقصف السد العالي في مصر! وإذا أخذنا بالاعتبار التقرير الصادر حديثاً عن «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى»، والذي يؤيده دينيس روس المستشار الخاص لشؤون إيران، والذي ينصح بإتباع سياسة «مقاومة وردع» تجاه إيران، وإلا لهاجمتها إسرائيل في غضون العامين المقبلين...، لأدركنا خطورة الأوهام القائلة بإمكانية الوصول إلى تهدئة في المنطقة في ظل التحالف الإمبريالي الصهيوني وإستراتيجيته المعادية على طول الخط لشعوب هذا الشرق كافة.
... أمام كل هذه الاستعدادات الجدية في واشنطن وتل أبيب ضد شعوب المنطقة وخيار المقاومة بوجه خاص بعد الفشل في حربي تموز في لبنان وغزة في فلسطين، نلاحظ أن الناظم الرسمي العربي والقيادات الفلسطينية المتماهية معه يرتهنون لمشيئة التحالف الإمبريالي ـ الصهيوني لدرجة أنهم يسلمون بأن القضية الفلسطينية أصبحت شأناً أمريكياً إسرائيلياً.
فالنظام الرسمي العربي الذي تجرأ على اتهام المقاومة بالمغامرة ولم يقدم شيئاً لوقف العدوان والمجزرة، ولم يفعل شيئاً لوقف تهويد الأرض والمقدسات، يعود الآن للإشراف على إعادة تشكيل السلطة الفلسطينية التي استولدتها «اتفاقات أوسلو» بالتضاد مع الحقوق الوطنية الثابتة للشعب العربي الفلسطيني والتي أهمها حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
وفي الوقت الذي أثبت فيه الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة في الميدان أن خيار المقاومة هو الطريق الوحيد لانتزاع الحقوق الوطنية وإفشال المشروع الصهيوني المدعوم أمريكياً وإمبرياليا، وفي الوقت الذي يحظى فيه النضال الفلسطيني المشروع بتأييد شعوب الأرض والتي تطالب بتقديم مجرمي الحرب الصهاينة إلى المحاكم الدولية، نجد «قادة فريق أوسلو» يطالبون بتشكيل حكومة فلسطينية قادرة على التعامل مع المحيط الإقليمي (هنا المقصود تل أبيب)  والمحيط الدولي (وهنا المقصود واشنطن وحلفاؤها)، حتى يجري فك الحصار وفتح المعابر.
... وفي هذا الإطار جاءت زيارة «عراب الحوار» في القاهرة عمر سليمان إلى واشنطن والذي اجتمع هناك مع زعماء البيت الأبيض  ووزارة الخارجية ومبعوثي الإدارة الأمريكية للشرق الأوسط جورج ميتشل وجيفري فيلتمان ليناقش مع كل هؤلاء شكل الحكومة الفلسطينية القادمة وموقف واشنطن وتل أبيب من حجم ومدى مشاركة حركة حماس في تلك الحكومة.
وإذا كانت مصر وبقية دول الاعتلال العربي تضغط على كل الفرقاء الفلسطينيين لإنهاء الحوار الفلسطيني قبل عقد القمة العربية في الدوحة، فإن الرد المناسب على تلك المحاولات لن يكون إلا باستمرار خيار المقاومة الشاملة وبالاستفادة سياسياً من صمود المقاومة الأسطوري في لبنان وغزة، والاستفادة إلى أقصى حد من الانعطاف العالمي الجاري الآن ضد الإمبريالية والصهيونية، مشعلي الحروب في جهات الأرض الأربع.
يجب ألا تنخدع شعوبنا بما يسوقه الإعلام الأمريكي ـ الصهيوني والعربي التابع حول وجود تغيير في إستراتيجية الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه شعوب المنطقة من قزوين حتى شرق المتوسط، خصوصاً أن الأزمة الاقتصادية العالمية للرأسمالية تزداد عمقاً واتساعاً ولا حلول لها داخل المراكز الإمبريالية ولا في الأطراف التابعة.
كما يجب علينا كشعوب ألا ننخدع مرة أخرى بإمكانية إصلاح المحتوى السياسي الرجعي للنظام الرسمي العربي تجاه شعوبه وبالجدوى الحقيقية للحوار معه، ولا يكفي أبداً ما صدر عن اجتماع هيئة متابعة قرارات القمة العربية والذي غاب عنه معظم وزراء الصف الأول «بأن المبادرة العربية خيار إستراتيجي لن يبقى مطروحاً طويلاً»!
... فمن البديهي القول: «إن المبادرة العربية » ولدت ميتة، ليس فقط لأن شارون مزقها تحت جنازير الدبابات الإسرائيلية قبل أن يجف حبرها، بل لأنها بالأساس مبنية على استجداء المحتل، بالإضافة إلى أنها كانت من تصميم اليهودي ـ الصهيوني الشهير توماس فريدمان ولكن جرى إعلانها وتبنيها باسم الزعامة السعودية!