حكم «الزعران» Rouge-Cracy
إصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني هو بمثابة انتهاك لكل ما هو قانون دولي.
أولاً، الذي أصدر المذكرة هو الإدارة الأمريكية، وليس المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية سوى إصبع صغير في يد تلك الإدارة.
ثانياً، قد لا يكون المرء مع النظام السوداني، الذي تقع عليه مسؤوليات وطنية عديدة، تتعلق بالجنوب وبدارفور، وبالطائفية والتمييز الطائفي، الذي سمح للقوى الخارجية بالتدخل وبتجزئة السودان، فليست المسألة مسألة دفاع عن ذلك النظام، ولكن يتساءل المرء، أين ذهبت سيادات الدول؟ أين ذهب ميثاق الأمم المتحدة؟ أين ذهبت مختلف الاتفاقات والعهود الدولية، التي صاغتها أمم العالم وأقرتها عبر تجارب صعبة جداً؟ سابقة إعدام صدام حسين عبر محاكمة نكتة، تهدد كل رؤساء الدول في العالم، بمن فيهم رؤساء الدول المتطورة، الذين لا تحميهم سوى قوة بلدانهم، أو لا يحميهم مرحلياً سوى رضى الإدارة الأمريكية عنهم.
وسابقة مذكرة التوقيف تهدد أيضاً رؤساء جميع الدول، بالقول نفسه.
ثالثاً، قد يتمنى المرء وجود محكمة جنايات دولية تابعة لمجلس الأمن، وتنفذ القانون الدولي، ولا تنتهكه. حينئذ تكون من مهمتها الأساسية الدفاع عن سيادات الدول، أي الوقوف بوجه خاص ضد الاحتلال، فالاحتلال هو أخطر وأكبر جريمة ضد الإنسانية، والإبادة حسب عهد 1948 هو أكبر جريمة ضد الإنسانية.
معنى ذلك أن من يجب أن تصدر بحقهم مذكرات توقيف هم قبل كل أحد أصحاب القرار في الإدارة الأمريكية، وفي العسكرية الإسرائيلية.
بعدئذ، إن كان بالإمكان ذلك، لا أحد يوفر أغلب أنظمة العالم الثالث، إذا كانت ضد شعوبها.
أما إذا كانت الإدارة الأمريكية، هي التي تتحكم بالعالم، بمختلف مؤسساته الشرعية وغير الشرعية، وتقوم بتخريب البلدان والدول، وبتمزيقها بالجملة، وبإقامة سيطرة زعرانية منتهكة لمختلف مكونات القانون الدولي (الأعراف، الوثائق، الأمم المتحدة، الاتفاقات الثنائية أو التعددية، الخ).
وهي التي تحتل وتقيم الأنظمة، وتفرضها، وتهدد الأنظمة بمختلف الأساليب، فذلك أقل ما يقال فيه إنه حكم زعران دولي.