ترجمة حسين علي/ بوسطن/قاسيون ترجمة حسين علي/ بوسطن/قاسيون

الصين تضع الدولار على الدريئة

الدعوة الاستثنائية التي تقدمت بها الصين بلسان حاكم مصرفها المركزي، جو جياوتشوان، نحو إيجاد عملة جديدة لتحل محل الدولار كمقياس عالمي مع إجراء إصلاح شامل للنظام المالي العالمي، تعبر عن عدم الرضا المتزايد عن دور الولايات المتحدة في الاقتصاد العالمي، وهي مرحلة من مراحل الإصرار الصيني المتزايد في البحث عن طريقة لتنظيم الرد العالمي على الأزمة المالية.

دول متقدمة كانت تنتقد سابقاً سياسات الصين الاقتصادية والنقدية. لكن هذه المرة، وعشية انعقاد قمة العشرين في لندن، الصين تنتقل للهجوم، مدعومة من اقتصادات أخرى مثل روسيا في مطالبتهم بنظام اقتصادي عالمي تكون فيه الولايات المتحدة ودول غنية أخرى أقل هيمنة. لكن العقبات التقنية والسياسية التي تعترض الآن الاقتراح الصيني هي كبيرة جداً، لذلك حتى لو دعمت دول أخرى هذا الاقتراح فإنه على الأرجح لن يغيّر الدور الذي يلعبه الدولار في المدى القريب. إذ أن البنوك المركزية حول العالم لديها دولارات أمريكية وسندات مالية بالدولار الأمريكي أكثر من موجودات مخصصة و معينة في أية عملة واحدة بعينها. يمكن استعمال هذه الاحتياطات للعمل على استقرار قيمة العملات المحلية للبنوك المركزية.

يشعر المسؤولون الصينيون بالإحباط  بسبب اعتمادهم مالياً على الولايات المتحدة، فقد عبر رئيس الوزراء الصيني هذا الشهر علناً عن «القلق» حول ملكية الصين لسندات مالية صادرة عن الحكومة الأمريكية. هذا يعني أن حجم هذه السندات كمدخرات صينية لاستعمالها في الأيام الماطرة محددة قيمتها بعوامل خارجة عن إرادة الحكومة الصينية، مثل التقلبات في قيمة الدولار والتغيرات في السياسات الاقتصادية الأمريكية.

يوضح السيد جو أن الانتقال إلى عملة احتياطية لاتنتمي إلى دولة واحدة بعينها يجعل من السهولة أكثر على جميع الدول أن تدير اقتصادها بشكل أفضل ويجعلها أكثر حرية في إدارة سياساتها المالية وتغيير معدلات التبادل. كما يمكن أن يؤسس ذلك لطريقة تكون أكثر إنصافا في تمويل صندوق النقد الدولي.

وبينما قال جون ليبسكي، نائب مدير صندوق النقد الدولي، يجب أن ينظر إلى الاقتراح الصيني بشكل جدي «إنه يعكس قلق المسؤولين واهتمامهم من أجل تطوير وتحسين النظام المالي، انه جدير بالاهتمام بسبب موقع الصين الفريد، ولأن حاكم البنك المركزي طرحه بطريقة محسوبة ومدروسة»، قال اسوار براساد، أستاذ السياسة التجارية في جامعة كورنيل ومسؤول سابق في صندوق النقد الدولي بأنه سيكون لمضامين الاقتراح الصيني على الأرجح أصداء هامة «فما من أحد يعتقد بأن هذا هو الحل الأمثل، لكن باقتراحهم هذا وضع الصينيون على الطاولة عرضاً جديداً لتحديد موضوع المناقشة، انه يمثّل ردود فعل قوية من الصينيين على عدد من الجبهات حيث يشعرون بأنه قد جرى تهميشهم من البلدان المتقدمة» في قضايا مثل السياسة النقدية لصندوق النقد الدولي وتمويله.

إن ملاحظات حاكم البنك المركزي الصيني التي أعقبت ملاحظات رئيس الوزراء حول القلق على سلامة الممتلكات الصينية الدولارية (1.95 تريليون دولار) تبدو تحذيراً موجهاً إلى الولايات المتحدة بأنه لايمكن للحكومة الأمريكية أن تتوقع من الصين تمويل الإنفاق الأمريكي إلى مالانهاية، وبأن لدى بكين بدائل أخرى..

يقول السيد جو، دون ذكر الدولار بالاسم، بأن فقدان الدولار واقعيا لموقعه كاحتياطي يفيد الولايات المتحدة بتجنبها لأزمات مستقبلية. نتيجة لاستمرار الدول الأخرى في تكديس أموالها بالدولار الأمريكي، كان في مقدور الاحتياطي الفدرالي في السنوات الماضية الاستمرار بسياسة غير مسؤولة، محافظاً لمدة طويلة على معدلات فائدة منخفضة جداً، بالتالي ساعد هذا على تضخيم سوق العقارات السكنية بشكل وهمي. ويوضح أن تزايد عدد الأزمات المالية وحدتها يبين أن «تكاليف هكذا نظام على العالم يمكن أن تتجاوز فوائده».

■ «وول ستريت جورنال»