محمد الجندي محمد الجندي

الكوارث الطبيعية، هل هي طبيعية حقاً؟

تزدحم نشرات الأخبار بالكوارث الطبيعية: عواصف مدمرة، فيضانات، حرائق، ارتفاع شاذ لدرجات الحرارة، زلازل، براكين، انهدامات أرضية، إلخ.

ويقف الإنسان لا حيلة له أمام ذلك، بل دون نأمة احتجاج، لكن ألا يخطر للمرء أن للإنسان دوراً في حصول الكوارث، وأن باستطاعته التخفيف منها، إذا لم يكن درؤها؟

 

الحرائق هي غالباً بفعل فاعل، فقد تحصل بسبب الإهمال أو إن الفاعلين يريدون الحصول على منفعة (أخشاب، فحم، أرض للاستثمار، الخ)، أو للانتقام السياسي أو الطائفي.

والحيلولة دون اندلاع الحرائق لا تتم بإجراءات أمنية فقط المسألة اجتماعية أكثر منها أمنية، فالفساد يخلق كل أنواع الجرائم، وكل أنواع التخريب إنه يخلق جرائم السرقة والمخدرات والقتل، وإشعال الحرائق، لا في الغابات فقط، وإنما أيضاً في الأحياء، وفي الدوائر الحكومية، التي قد تجري فيها حرائق للتخلص من وثائق، أو لتغطية أعمال اختلاس، أو لمجرد التخريب. ماذا لو استخدمت الطائرات، دون طيار للحفاظ على أمن الغابات، بدلا من قتل المدنيين؟

بعض الكوارث يرجعها الكثيرون إلى أسباب متداولة، لا يعرف المرء مدى صحتها علمياً. التجارب النووية كان لها حتماً دور في إجراء تغييرات في الكوكب، قد تتسبب بالكوارث؛ وإطلاق الغازات السامة والذرات المشعة في الحروب لها تأثيرات ضارة إقليمية طويلة الأمد على الطبيعة والناس، والتأثير على طبقة الأوزون بانطلاق مختلف الغازات الضارة يؤلف كارثة متعددة الجوانب. إذاًيستطيع الإنسان أن يحول دون الكوارث أو أن يخفف منها، بحظر التجارب الضارة، النووية، وغيرها، ووقف الحروب، ومعالجة انطلاق الغازات المؤثرة على طبقة الأوزون، وهذا يتطلب نظاماً عالمياً للسلام، أي نظاماً يزول عنه الاستعمار ويحل محله التعاون بين الشعوب.

الذنب يمكن أن يكون بالقيام بالفعل، ويمكن أن يكون بعدم القيام بالفعل الضروري.

على ذلك، المراكز المتطورة هي مذنبة بالتجارب الضارة، وبالحروب، وبإطلاق الغازات السامة والذرات المشعة، إلخ. ولكنها مذنبة أيضاً لأمر آخر، وهو أن التكنولوجيا أصبحت متطورة لدرجة أصبح من الممكن أن تساعد في درء الكثير من الأخطار. أليس مستغرباً أن تقضي الحرائق على ملايين الهكتارات في بلد يملك التكنولوجيا عالية مثل الولايات المتحدة أو روسيا الفيدرالية؟

يقال إن الإدارة الأمريكية هي التي تسببت بزلزال هايتي، وربما بكوارث أخرى، ومعنى ذلك، إن صح، أن التكنولوجيا الأمريكية والروسية تستطيع التأثير إلى هذا الحد أو ذاك في الكوارث الطبيعية، فهل من الممكن تسخير ذلك إيجاباًُ بدلاً من تسخيره سلباً، أي تسخيره لمصلحة الإنسان، بدلا منه ضد الإنسان؟

نظام السلام العالمي يمكن أن يحل جميع المشكلات السياسية والاجتماعية، وأيضاً الكثير من المشكلات البيئية، ولكن هل يمكن أن يقوم ذلك النظام؟ مع وجود الرأسمالية الدولية غير ممكن، لأن هذه تعمل على امتلاك كل شيء بشكل أناني ومدمر، وهذا يتناقض مع الإنسان والبيئة معاً، وفي ذلك خطره الكبير.

 

آخر تعديل على الإثنين, 25 تموز/يوليو 2016 13:11