إبراهيم البدراوي - القاهرة إبراهيم البدراوي - القاهرة

البرادعي .. إفراز لنخبة التكيف (1)

وسط غضب عارم من كل الطبقات والفئات الشعبية ضد «مبارك» وسلطته وطبقته، ووسط أزمة لم يعرف لها الوطن مثيلاً، ومطالب بالتغيير، ورفض لتمديد رئاسة «مبارك» أو توريث السلطة لولده، هبط «البرادعي» من الخارج معلناً عن نيته الترشح للرئاسة.

تلقف قسم من النخبة البرجوازية خارج السلطة والطامحة لقضمة من «كعكة الوطن» هذا الأمر. وراح يستثمر الرفض الشعبي للسلطة ليشن حملة دعاية واسعة لتأييد البرادعي ويحوله إلى ظاهرة سياسية، في حين اشتد هياج القسم المهيمن على السلطة  ليشن حملة شعواء ضده.

وإذا كان هذا المشهد يؤكد أن ما يحدث هو مجرد صراع داخل النخبة الطبقية– السياسية ذاتها،  بينما تلعب أحزاب المعارضة بمختلف اتجاهاتها السياسية والفكرية دور الكومبارس في انحياز ظاهر أو خفي للسلطة، كما اتخذ الأخوان المسلمون كعادتهم موقف «إمساك العصا من منتصفها» انتظاراً لما سيسفر عنه الموقف، فإن المفجع هو تورط بعض العناصر الوطنية من ماركسيين وناصريين ووطنيين في الاندفاع لتأييد البرادعي بحجج واهية، مثل استثمار هذا الأمر كحجر تم إلقاؤه في الماء الآسن، أو مناقشته في أمر توسيع الديمقراطية «السياسية» باعتبارها الطريق الوحيد، رغم الارتباط الوثيق والعلاقة الجدلية بين الطبقي والوطني والقومي  والديمقراطي... الخ، أو تصور تغيير الطبيعة الطبقية والفكرية والتصورات والمواقف السياسية له عبر الحوار والإقناع... الخ. أي أنه نفس جوهر نهج السلطة الفلسطينية «المحتضرة» في تحرير الوطن بالحوار مع العدو!! والأنكى هو قيامهم بعمليات ابتزاز مبتذلة لتصوير أن كل من لا يؤيد «البرادعي» فهو يؤيد مبارك رغم أن الموقف الصحيح هو رفض كليهما من منطلقات طبقية ووطنية... الخ.

لكي يتم إزالة الغموض وإجلاء الأمر إزاء حال النخبة المصرية المعاصرة، وكشف الغفلة أو التضليل والخداع. فإنه ينبغي استعراض التطورات التي طرأت على هذه النخبة منذ بدايات العصر الحديث، والتبدلات التي جرت في طبيعتها وسلوكها السياسي منذ «محمد علي باشا» وحتى الآن. وأستعير «كعناوين» من المفكر أحمد عز الدين المصطلحات التي ابتكرها كتوصيف للنخبة المصرية في المراحل المختلفة.

مرت النخبة المصرية منذ محمد علي بمراحل «خمس» اكتسبت في كل منها سمات خاصة. وإن كانت هذه السمات ترجمة دقيقة لتوجهين اثنين عامين سوف يتضحان في النهاية ولا يفوتني التنبيه إلى أن المقصود تحديداً هو النخبة الطبقية والسياسية السائدة والمهيمنة في كل مرحلة.

• يتبع..