رصيد سري لفوز أوباما

قد يكون من المقامرة أن تقطع بنجاح أحد المرشحين الأميركيين في الانتخابات الرئاسية حتى لو قامت المقامرة على تحليل. فالمعتاد أن تقول الناس ربما، وقد يحصل، ونعتقد ونحتمل…الخ. وسر عدم القطع هذا قائم على طبيعة الحزبين هناك، وهو الأمر الذي يتضح من الفارق الضئيل بين المرشحين إلى درجة يتهيأ لك أن رجلا واحداً نصفه ينافس النصف الآخر.

لكن لي سبباً مختلفاً ولا اعتقد ان أحداً تطرق له، وإن حصل فقليل من الناس تناوله.

 

سوف يكسب أوباما منصب الرئاسة، وذلك لسبب أضيفه إلى مختلف الأسباب التي يتحدث عنها الناس  ولكنه يهمنا نحن العرب، وهو متعلق بالسياسة الخارجية الأميركية.

جادل كثير من المحللين أن من أهم النقاط لأوباما كانت الانسحاب من العراق وقرار الانسحاب من افغانستان، وهذا صحيح لدى قسم من الأميركيين الذين يرون في الحرب تعميقاً للأزمة الاقتصادية وليست فقط المالية التي وقع بها اقتصادهم. ولكنه ليس صحيحاً للأمريكيين الذين يرون أن الوضع الإمبراطوري هو الوضع والدور الطبيعيان للولايات المتحدة.

والسبب الذي أراه لمصلحة أوباما متعلق بالضبط بهذه المسألة وهي الإبقاء على الدور الأميركي المسيطر ولكن على حساب التوابع.  وهذا السبب هو نجاح النخب الأميركية الحاكمة في احتواء ما يسمى الربيع العربي عبر تتبيع قوى الدين السياسي سواء التي وصلت السلطة او التي لم تصل وتتوقع ذلك.

فليس أمراً بسيطا أن تبقى تونس ومصر في دائرة التبعية للولايات المتحدة ، وهذه المرة ليست بسطوة ديكتاتور وزمرة أمنية حوله، ولكن عبر حركات واسعة الشعبية ويُفترض أنها ضد الولايات المتحدة. وهي حركات الدين الإسلامي السياسي التي لا تؤكد فقط  «الصداقة» مع الولايات المتحدة، واستمرار الاستدانة من صندوق النقد الدولي والاقتداء بدول الريع النفطي العربية، بل كذلك التزام التطبيع مع الكيان الصهيوني.

كما تخلصت إدارة أوباما من مشاكسة العقيد القذافي الذي شكل صداعا للغرب في أفريقيا على الأقل ليحل محله نظام تحالف تابع  من قوى الدين السياسي ولبراليي الشركات وخاصة النفطية، بمعنى أن امريكا واوروبا قد  كسبتا التراب الليبي.

ولا تنحصر مكاسب الولايات المتحدة في فترة أوباما في مصر وتونس، فقد تركز النظام المغربي في الاتجاه نفسه وكذلك اليمن. أما الأردن فظل على حاله وإن كان يقلقه بل ويخيفه الصمود السوري بمعنى أن الأردن بقدر ما هو بلد يعيش بدوره وعلى دوره، فهو مهدد بدفع فاتورة الوضع السوري سواء انتصر النظام الممانع او انتصرت قوى الدين الإسلامي السياسي.

صحيح أن لبنان ما زال منقسما إلى نصفين، وأن المقاومة وحلفاءها من القوة بمكان، ولكن هذا لا يقلل من انتصارات أمريكا في معظم الوطن العربي.

لذا أعتقد أن الناخب  الأميركي اللبرالي والمستنير اقتصاديا وثقافيا، لا بد يدرك هذا.

لعلها مفارقة محزنة أن نقول هذا هو اللوبي العربي في الانتخابات الأميركية، وإن لم يكن من داخل هذه الدولة.