أمريكا نحو الخداع والطغيان

لم يعد للحقيقة أي معنى في العالم الغربي،  بل سادت مكانها الأجندات والمخططات. إن تلك الأجندات لها الأهمية الكبرى لأنها الطريقة  التي تحقق بها واشنطن الهيمنة على العالم وعلى الشعب الأمريكي . إن يوم 11/ 9 شكل بالنسبة لأمريكا (بيرل هاربر ) جديدة والتي أعلنها المحافظون الجدد كضرورة لحربهم المخططة ضد البلدان الإسلامية،  ولكي يمضي هؤلاء للأمام ببرامجهم المعدة،  فلقد كان من الضروري ربط الأمريكيين بتلك البرامج .

كذبة أيلول

إن وزير الخزانة الأول في عهد  الرئيس جورج بوش  (جورج أونيل) صرح بأن الاجتماع الأول لمجلس الوزراء قبل 11/ 9 كان بخصوص ضرورة غزو العراق . وقد أُلقي اللوم في أحداث 11/9، على أفغانستان في البداية ومن ثم تم التحول  نحو العراق . إن الحشد والتهيئة  ضد أفغانستان  كان معداً  قبل 11/9،  فعملية الغزو من نظام بوش  ( عملية إقامة الحرية ) حدثت  في 7 تشرين الأول من العام 2001 بأقل من شهر بعد 11/9. إن  أي شخص يعمل في المجال العسكري يعلم بأنه من غير الممكن  أن يُجهز حشدٌ لغزو بلد، يستغرق الوصول إليه قطع نصف العالم، خلال ثلاثة أسابيع. إن قانون باتريوت الأوريولي هو مثال آخر للتخطيط المسبق للحدث،  إن هذا المرسوم السياسي الهام لم يكن من الممكن كتابته في تلك الفترة  القصيرة أي مابين يوم 11/9 وتاريخ تقديمه إلى مجلس الشيوخ . لقد تمت صياغة مشروع القانون هذا مسبقاً،  ووُضع على الرف بانتظار الفرصة المناسبة .  لماذا؟   ومن الذي صاغه ؟وما سبب عدم وجود أية تحقيقات إعلامية للتحضير المسبق لهذا التشريع السياسي الأمريكي؟

 إن الدليل الذي يتطابق مع الحدث المخطط  له من قبل،  لما قالته الحكومة كان  حدثاً مفاجئاً ويبين بأن هذا الحدث كان معداً ليقود أجندة كانت جاهزة في الكتب . العديد من شخصيات الجناح «اليساري» لم يقتنعوا بالدليل المناقض للرواية الرسمية ليوم 11/9،  لأن هذا اليوم بالنسبة لهم هو انفراجة كردة فعل على الانهيار. والجناح اليميني  أيضاً « لن يمضي في الوهم كذلك، إن أمريكا بكل نقائها وروعتها قد تعرضت لهجوم من المسلحين الأشرار الذين لا يسعهم تحمل خيرها، إنهم يكرهوننا بسبب حريتنا وديمقراطيتنا « !.  إن رؤية الجناح اليميني عن أمريكا الجيدة  والعظيمة والمساءة فهمها، هو أمر أساسي لإيديولوجيتهم القائمة  وهي إيديولوجيا  مجهزة لارتكاب العنف لكي تثبت أحقيتها .

إن الروايات غير القابلة للتصديق من الممكن أن تكون نافعة لأجندات أخرى بحيث تكون ثابتة في استخدامها ضمن نقاشات أخرى فعلى سبيل المثال : إن رواية  نظام أوباما عن مقتل أسامة بن لادن أساسية بالنسبة لقصة تشارلز بيرسون في تشرين الثاني 2012 (كونتر بانش)، والتي يكتب فيها  برسون عن الجهد المتنامي  في التحالف الأمريكي الباكستاني.  يذكر بيرسون في روايته  أن بن لادن كان  يقيم بجانب  أضخم  أكاديمية  عسكرية باكستانية،  وأنه كان يخرج إلى الجوار كل أربعاء لاستخدام بركة المسبح . فإذا ما كانت الحكومة الباكستانية على غير دراية  بوجود بن لادن فإن هذا يشكل فشلاً استخباراتياً بمعانٍ بطولية . هل من المعقول أن أسامة بن لادن الرجل المقبوض عليه ( والميت منذ عقد في واقع الأمر)،  كان يقوم بزيارة الجيش الباكستاني  في كل أربعاء لغرض السباحة ؟. هي حكاية تم إعدادها مع إمكانية تجاهل  المقابلات المباشرة لجيران ما يسمى معسكر بن لادن. إن أحد شهود العيان على الاعتداء على المعسكر  قال بأنه عند انطلاق المروحية  انفجرت  ولم يكن ينجو أحد. إذا لم يكن هناك من ناجين فلن يكون هناك دفن في البحر لبن لادن. كيف يمكن  أن تنتج وسائل الإعلام الأمريكية قصة بحقائق متناقضة مع الأخبار الواردة من الأرض؟ هل تنطوي الإجابة  على أن قصة اغتيال بن لادن قد خدمت مخططاً من خلال تقديم إثبات بأننا كنا نحن الرابحين؟

خداع الشعب الأمريكي

لنتأمل في حادثة إطلاق النار في مدرسة ساندي هوك،  إن هذه الحادثة تقدم ذريعة للـتقدميين في التعبير عن كراهيتهم  للسلاح ومنظمة السلاح الوطنية ولطرح برنامجهم بضبط السلاح. إن قلة أو حتى ولا أي شخص  من أولئك اللاهثين وراء هذه المأساة يعرف أياً من أهالي الأطفال المقتولين . هم لم يظهروا أي تفاعل مماثل  ضد جرائم الحكومة الأمريكية للألاف التي لا تعد من الأطفال المسلمين . إذ إن نظام كلينتون وحده قد تسبب بقتل 500ألف طفل عراقي بعقوبات غير شرعية،  كما صرحت وزيرة الخارجية  كلينتون اللاأخلاقية،  بطلة النسوية،  بأنها: «كانت تعتقد أن تلك العقوبات قد استحقت كلفة  جثث نصف مليون  طفل عراقي» . وفجأة فإن 20 طفلا أمريكياً قد أصبحوا على قدر كبير من الأهمية بالنسبة للتقدميين. ما السبب؟ لأن قضية هؤلاء الموتى  تعزز برامج ضبط السلاح في أمريكا.

لقد أشارت صحيفة التايمز في أحد تقاريرها عن حادثة إطلاق النار بأن مثل هذه الأحداث تعيد فتح  النقاشات حول قضية ضبط السلاح بشكل حتمي،  أو يقود الناس بشكل دقيق لنقد الثقافة الأمريكية  نفسها. وفقاً للتقارير فإن الطبيب الشرعي قال بأن الأطفال قد قتلوا ببندقية،  إلا أن تقارير أخرى أكدت أن المتهم كان قد وجد ميتاً داخل المدرسة وبحوزته مسدسان،  وأنه تم العثور على بندقية في خارج المدرسة في السيارة !

إن الناطق باسم شرطة ولاية كونيكتكيت  كان مهتما ً بضبط ما يُسرب من القصة،  ويحذر وسائل الإعلام المحلية بأن لا تصدر معلومات مناقضة لرواية الشرطة،  واكتفى بتقديم القدر القليل من المعلومات رافضاً الإجابة عن معظم الأسئلة . إن التحقيقات الاعتيادية الجارية قد تم اختراقها،  ولكن «لانزا»  قد أعلن لتوه  بأنه القاتل  ووثق عدد القتلى؟! أين هي جثث الضحايا ؟

كالجريمة المزعومة لأسامة بن لادن من القوات الخاصة الأمريكية،  الدليل الأساسي لم يتم تقديمه .

مقص الرقيب

يبدو أنه لا أهمية لأسئلة بقيت من دون إجابات  وتناقضات  من دون توضيحات . إن القصة مفيدة لأجندات ضبط الأسلحة،  والتقدميون يرغبون بممارسة  دور المساعدين لشرطة الولاية . إن حقيقة  إطلاق النار هي أقل أهمية  من فكرة استغلالها كحادثة لتحقيق أجنداتهم .  - لربما هناك  إجابات عن الأسئلة المطروحة،  بالإضافة إلى أن تقارير الأخبار والتي تشكل أساساً لهذه الاسئلة قد تكون خاطئة،   ولكن ما السبب في عدم تقديم الإجابات وتفسير الغموض الذي يحيط بالرواية ؟ وبدلاً من ذلك ينظر إلى الأشخاص الذين يطرحون تلك الأسئلة المباشرة على أنهم غير متعاطفين مع المأساة أو على أنهم مروجو مؤامرات وهذا بحد ذاته يعمق الشكوك .

الحادثة تقع،  والحكومة تصوغ روايتها الخاصة،  وتوضع الأجندات وتحل محل القصة الأصلية،  والقضايا العالقة تختفي ضمن النزاع المقيت حول المخططات . إن مؤيدي ضبط السلاح يلقون باللوم على البنادق وأما المدافعون عن التعديلات الأخرى فيلقون بلومهم على عوامل أخرى .

حيت تسمح وسائل الإعلام للأجندات بأخذ الأولوية على الأنباء فإنها تفقد ثقة الناس لها مما يؤدي إلى انتشار حالة عدم اليقين  في المجتمع .  إذا ما كانت الحكومة  والإعلام ضد نظريات المؤامرة فلا ينبغي عليهم تبني  تلك النظريات من خلال تشويه الأنباء . ليس لدى أي من الحزب اليميني  أو الحزب اليساري رغبة بالخوض في عمق الأمور.  فاليمينيون منحازون لشرطة  الولاية وذلك لجعل الولايات المتحدة آمنة من ( الإرهاب) أي الإرهاب الاسلامي،  وليس إرهاب شرطة الولاية الذي لا يعد إرهاباً بنظرهم . إن اليسار الأمريكي واهن وغير فعال حيث أنه غير موجود بشكل أساسي وقضاياه تتمثل بضبط السلاح ، والزواج المثلي ،  والإجهاض،  وفرض الضرائب على ( الأثرياء ) . إن عدم التركيز هذا لا يسعه إبطاء اندفاع الشرطة المدججة . والليبراليون الأمريكيون لديهم هذا الإيمان الثابت  بالحكومة إلى حد أنهم غير قادرين على التصديق بأن حكومتهم الرائعة  قد تكون مذنبة بجرائم  مالم تكن،  بالطبع،  حكومة رونالد ريغن.

رغم أن الطغيان  يلف الأرض، فإن الهدف الرئيسي لليساريين هو نزع السلاح من الشعب، فاليسار الأمريكي هو المساعد للشرطة واليمين هو المحرك !! . لقد فقد الأمريكيون حمايتهم الدستورية في العقد الأول من القرن الـ 21 وفتحت جيوبهم لحروب معينة . فآخر التقارير يوضح بأن واشنطن تقوم بإرسال القوات الأمريكية إلى داخل 35 بلداً إفريقياً،  والآتي أعظم .