سعد خطّار سعد خطّار

68 عاماً.. السنوات تنهش من لحم الكيان العجوز

لم تفلح السنوات الثمانية والستون في كسر إرادة أبناء الأرض الفلسطينيين. من التهجير، إلى التنكيل بمن آثر البقاء في أرضه، وصولاً إلى قضم تراب تلك الأرض، حبة حبة، لم يفلح ذلك كله في ضمان «حياة أبدية» لكيان يرزح اليوم تحت وطأة المرحلة ومتغيراتها الكبرى.

 

نتمي فكرة الكيان الصهيوني ومنطق إقامته، إلى جملة العوامل التي كانت قائمة في القرن الماضي، وخصوصاً منها تلك الممتدة في النصف الثاني منه، وهي المرحلة التي كان التراجع العام في الحركة الثورية العالمية، وتقدُّم الولايات المتحدة كـ«شرطي عالمي» سمتها الرئيسية، ما استكمل عملية بناء الدور الوظيفي لهذا الكيان، كقاعدة متقدمة لقوى الاستعمار والإمبريالية العالمية في منطقتنا.

العمر الافتراضي لهذا الكيان قد بدأ بالتقلص. هذا ما حسمته مرحلة الصعود لدى الحراك الشعبي الثوري العالمي منذ مطلع القرن الحالي، والذي عبر عن أحد أوجهه بأكثر من خمسة هزائم وانتكاسات عسكرية، مُني بها كيان العدو منذ تحرير جنوب لبنان عام 2000، وصولاً إلى الفشل الذريع خلال العدوان الأخير على غزة 2014، وما تعنيه تلك الهزائم من عجزٍ لدى العدو الصهيوني عن لعب الدور الوظيفي المطلوب منه.

إذا كانت مرحلة القوة لدى الكيان الصهيوني قد تُرجِمت على أرض الواقع، بحروبه خارج حدود فلسطين المحتلة، واحتلاله لمدن وجبهات جديدة، واتخاذه زمام المبادرة لشن تلك الحروب، وقدرته النسبية على تحديد نهاياتها، فإن مرحلة الضعف لديه اليوم تتجلى في أحد أكثر أوجهها فضاحةً، في استماتته الحالية للانغلاق على نفسه بالمزيد من الجدران، وتركيز ممارساته الفاشية في الداخل الفلسطيني، بتصعيد موجات الاستيطان ومصادرة المنازل والاعتقالات.. إلخ

إن كانت السنوات الثماني والستين الماضية قد أوصلت النكبة إلى مرحلة الكهولة، أي إلى انتفاء أسباب وجودها بفعل المتغيرات الدولية، وتراجع القطب الأمريكي وتقدم القطب الروسي الصيني، فإنها كذلك قد قادت الكيان إلى مرحلة الشيخوخة، التي وإن بدأت إرهاصات موته تتبدى في حجم القلق البالغ لدى قياداته ومسؤوليه، فإنها لن تلبث أن تحسم المعركة لمصلحة انتفاء وجود هذا الكيان، بطابعه الصهيوني المرتبط بقوى رأس المال المالي العالمي الإجرامي.