ماذا وراء عجز اليونيسيف؟
في الوقت التي تصرف فيه المليارات على التسلح وخدمات الحروب في بقاع الأرض المختلفة من الدول الكبرى ، وفي الوقت الذي تهدر فيه المليارات على مشاريع الرفاهية الشخصية، والكماليات هناك الملايين من البشر يتضورون جوعاً، أو يصبحون ضحايا الأمراضوالأوبئة، أو يعانون من نقص الخدمات الضرورية لاستمرار الحياة، وإذا كانت بعض المنظمات الدولية التابعة للامم المتحدة تغطي ولو النزر اليسير من احتياجات بعض الدول في مجالات الرعاية الصحية والتعليم والصحة إلا أننا نجد أن المبالغ المخصصة لذلك تتآكل منذسنوات وبات العجز يصيب ميزانية أغلب تلك المنظمات ومنها منظمة الاليونيسيف بسبب ازدياد الحاجة من جهة وعدم سداد بعض الدول لالتزاماتها من جهة اخرى، وحسب تقرير وكالة آي بي سي المنشور في فبراير لو توفر لصندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة(اليونيسيف) مبلغ 1.28 مليار دولار، لتمكنت من مساعدة 97 مليون شخص، وإغاثة 5 ملايين طفل من أضرار الجفاف في اثيوبيا، وضمان التعليم الجيد ل 360.000 طفل في كينيا، وعلاج 16.000 طفل من سوء التغذية الحادة في مدغشقر، وتوفير مياه الشرب المأمونةلمجموع 2.2 مليون صومالي، وضمان الرعاية الصحية الأساسية لمليون طفل في جمهورية جنوب السودان.
لكن الواقع هو أن «اليونيسيف» قد حصلت حتى الآن على مجرد 50 في المئة من مواردها بالمقارنة بعام 2011، ومن ثم تخشى عجزها عن تحقيق الأهداف الموضوعة للسنة الجارية.
ويذكر أن «اليونيسيف» تصدر في شهر يناير من كل عام «تقرير العمل الإنساني من أجل الأطفال» الذي يعرف بأكثر إحتياجات أطفال العالم إلحاحا للمعونة نتيجة لحالات الطوارئ الإنسانية، سواء كانت ناجمة عن الكوارث الطبيعية أو الصراعات البشرية أو الأزماتالمزمنة.
ويعرض التقرير صور الأطفال المناضلين من أجل البقاء على قيد الحياة، والنظرات الجاحظة للفتيان والفتيات الذين يعانون من سوء التغذية، والأوضاع القاسية للأهالي الذين يتضورون جوعاً حتى الموت. وعامة يمثل كل ما يرد في التقرير دعوة يائسة للحصول علىالمساعدة.
وصدر تقرير هذا العام يوم 27 يناير من 80 صفحة تشمل الأوضاع في 25 دولة عبر سبعة من أقاليم العالم، وينادي بتوفير1.28 مليار دولار، ويدرج تفاصيل إحتياجات كل بلد من التغذية، والصحة، والمياه، والصرف الصحي، والنظافة، والتعليم، حماية الطفل، ومكافحةفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز وغيرها. وكانت اليونيسيف قد ناشدت في البداية بتوفير 1.4 مليار دولار لإنفاقها علي 38 دولة، لكنها راجعت طلبها في منتصف العام على ضوء تطور عدد من الأزمات غير المسبوقة، كالمجاعة في القرن الأفريقي وغيرها منالكوارث. ويفيد التقرير بأنه تم ضخ 44 في المئة من تمويل عام 2011 في منطقة القرن الأفريقي حيث حرصت اليونيسيف على تفعيل أعلى مستويات الاستجابة لحالات الطوارئ. في هذه الأثناء، تبلورت إحتياجات ملحة جديدة في عدد من البلدان الأخرى.
وعلى سبيل المثال، طلبت اليونيسيف أكثر من289.1 دولار للصومال على ذمة عام 2012، فيما يعتبر أكبر تمويل لبلد واحد. كما طلبت 143.9 مليون دولار لجمهورية الكونغو الديمقراطية و98.1 مليون دولار للسودان.
ويفيد التقرير بأن اليونيسيف لم تتلق حتى أكتوبر 2011- سوى 48 في المئة من احتياجاتها البالغة 854.7 مليون دولار لتلبية الإحتياجات الملحة من المساعدة.
وقد علق ماريكا هوفمايستر، أخصائي حالات الطوارئ في اليونيسيف، لوكالة إنتر بريس سيرفس، قائلا «للأسف، لم نكن نملك أبدا القدرة على الإستجابة لإحتياجات المعتازين»
وعلى الرغم من شحة الموارد المالية تعتبر نكسة لأية منظمة، فإن تقلص تمويل اليونيسيف ينطوي على انعكاسات شديدة على وجه الخصوص، يأتي بعضها بعواقب وخيمة على الأهالي المعرضين للخطر.
وعلى سبيل المثال، تلقت جمهورية جنوب السودان فقط 36 في المئة من احتياجاتها في العام الماضي، عاجزة بذلك عن تحقيق هدفها المتمثل في توفير مياه الشرب النقية لمجموع 500،000 شخص. فتم حرمان أكثر من 130،000 من هذه الإمدادات حيث لم تتمكناليونيسيف من إصلاح مرافق المياه وبناء الجديد منها.
كذلك فقد تسبب نقص الموارد في عجز اليونيسيف عن توفير لوازم المدارس لمجموع 75،000 طفل في الفلبين بعد أن دمرتها الفيضانات الأخيرة، ما نتج عنه حرمان أكثر من 50،000 طفل من هذه اللوازم.
كما كانت مدغشقر وأوغندا والكونغو والعراق واللاجئون العراقيون وطاجيكستان من بين العديد من البلدان التي حصلت على أقل من 10 في المئة من التمويل المخطط لها، وذلك وفقاً لتقرير اليونيسيف.