المتوجهون شرقاً.. هل تقطر فرنسا غيرها؟
شهد الأسبوع الماضي نقلة مهمة في الخطاب السياسي الفرنسي تجاه الأزمة السورية، وضمناً اتجاه العلاقات مع موسكو، «الشريك الشرقي» لباريس الذي لطالما ساءت العلاقات معه في مرحلة الهيمنة الأمريكية على العالم..
بدا تظهير النقلة النوعية في الخطاب الدبلوماسي الفرنسي واضحاً خلال زيارة الرئيس، فرانسوا هولاند، لنظيره الروسي، فلاديمير بوتين، يوم الخميس 26/11/2015. الطروحات التي تمسكت بها باريس طويلاً حول الأزمة السورية، ومكافحة الإرهاب فيها، تبددت تدريجياً، لمصلحة الدعوات نحو «العمل المشترك ضد الإرهاب»، و«البدء بتدمير مصادر تمويل داعش»، و«الحل السياسي في سورية»، مع غياب الحديث عن «مصير الرئيس السوري»، كاشتراط لبدء المفاوضات.
جاءت النقلة الجديدة في السياسات الخارجية الفرنسية، كإحدى التبعات التي نجمت عن العمل الإرهابي الأخير في باريس، الذي أرادت المراكز الفاشية توظيفه في إطار «البيت الأوروبي»، غير أن انعكاساته الخارجية- الناتجة عن موازين القوى الدولية الحالية- لم تأت لمصلحة واشنطن، هذه المرة. ورغم النقلة الجارية في السياسة الفرنسية، إلا أنه لا يمكن القول إن فرنسا قد استكملت استدارتها بشكل كامل، إنما القطار المتجه نحو هذه الاستدارة قد وضع اليوم على سكته.
وفي هذا السياق، بدا لافتاً إعلان القرار الألماني القاضي بالمشاركة عسكرياً في محاربة تنظيم «داعش» في سورية، بناءً على اتفاق بين المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، خلال زيارة ميركل لباريس مؤخراً. وهو ما وضعه البعض في سياق خروج القارة الأوروبية، تدريجياً، من القبضة الأمريكية المحكمة التي أرخت بظلالها على أوروبا مدة طويلة.
عاجلاً أم آجلاً، ستنحو أوروبا منحى مصالحها الجيوسياسية العميقة، التي، وإن لم تزل الاستدارة نحوها اليوم في طورها الأول، وبشكلها الجنيني، إلا أنها محكومة بالاكتمال والتطور في ظل تنامي مشاريع الربط، وفي ضوء الانهيار التدريجي الحاصل في مكامن نفوذ وقوة الولايات المتحدة الأمريكية، التي تلجأ اليوم على ما يبدو إلى «الخطة ب»، المتمثلة في الدخول على خط التحكم في آسيا الوسطى، بعد فشلها الذريع في شرق المتوسط، وبوادر تلاشي قوتها في أوروبا