«G20».. الاختلافات الدبلوماسية المضبوطة تتقدم
تميزت قمة مجموعة العشرين المنعقدة في مدينة أنطاليا التركية هذا العام بدفعة قوية تلقتها عجلة الحلول السياسية في العالم. فالاختلاف الدبلوماسي «المضبوط» الذي بدأت إرهاصاته في كلمتي الرئيسين الروسي والأمريكي خلال الاجتماع الماضي للجمعية العامة للأمم المتحدة، تجلى هذه المرة بتقدمات واضحة على خطي محاربة الإرهاب والحلول السياسية.
تبنى البيان الختامي لقمة مجموعة العشرين إجراءات جديدة لمكافحة تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» مالياً، ومحاصرة مصادر تمويلها إقليمياً ودولياً، بما في ذلك داخل سورية والعراق. إلا إنه، وبحسب بيان أنطاليا، فإن هذه الخطوات قد لا تقتصر على «داعش» و«النصرة» فقط.
وفي سياق استكمال المهام التي أفرزها بيان «فيينا» الأخير، تبادل الوفدان الروسي والأمريكي لوائح بشأن التنظيمات الإرهابية التي تنبغي محاربتها في سورية، كما أكدت مصادر إعلامية أن القائمتين تقاطعتا كثيراً. وفي هذا السياق، أكد وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، أن وقف إطلاق النار في سورية «لن يشمل داعش ولا جبهة النصرة، ولا المجموعات التي يمكن أن تصنَّف إرهابية في الأيام المقبلة من قبل مجموعة الدعم التي كلفت الأردن تحديد لائحة مشتركة للجماعات الإرهابية في سورية».
كواليس الاستدارة
ما شهدته كواليس أنطاليا من لقاءات ثنائية ومتعددة، فاق أهمية الخطابات المعلنة في القمة. حيث التقى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، للمرة الأولى مع الملك السعودي، سلمان آل سعود، ذلك بعد ساعات من اجتماع بوتين بنظيره الأميركي، باراك أوباما.
كما دعا قادة مجموعة العشرين، في بيانهم الختامي، إلى تعزيز تعاونهم للحد من حرية تنقل الإرهابيين، وتشديد السيطرة على الحدود، والتصدي للدعاية عبر الإنترنت، وتوسيع نطاق الملاحقة المالية للإرهابيين، وتعزيز الأمن الجوي، وزيادة تبادل معلومات الاستخبارات. وكلف المشاركون «مجموعة العمل المالية»- وهي منظمة لمكافحة تبييض الأموال- أن ترفع لهم تقريراً في بداية العام 2016 حول التقدم الذي أحرز لجهة تجفيف مصادر تمويل الإرهاب.
وفي موقف لافت، أبدى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ما سماه بـ«القناعة الراسخة بلادنا» حول أنه «لا يمكن حل المشاكل في المنطقة، وفي مقدمتها الإرهاب واللاجئون، من دون التوافق على حل يحظى بقبول كل من يعيش في سورية»، معتبراً أن الهدف الأساسي للجهود الرامية للحل في سورية هو «ضمان وحدة الأراضي السورية، وإخلاؤها من الإرهاب، والتوصل إلى هيكل سياسي ذي شرعية».
وخلافاً لتصريحاته السابقة، لفت الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، إلى «إننا قد سجلنا أخيراً تقدماً متواضعاً على الجبهة الديبلوماسية الحساسة. شهدت محادثات فيينا للمرة الأولى اتفاق جميع البلدان الرئيسية»، مشيراً إلى إنه «ما زال هناك خلافات مع بوتين حول مستقبل الأسد، الذي لا نعتقد أن له دوراً في مستقبل سورية»، وأضاف: «ما يختلف هذه المرة، وما يعطينا جرعة أمل، هو أن جميع أطراف النزاع السوري وافقت للمرة الأولى على عملية لإنهاء هذه الحرب».
روسيا- تركيا: المواقف منسقة
في تأكيد على الخرق الذي أحدثته المباحثات الروسية- التركية، قبيل انعقاد لقاء القمة، شدد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على أن هناك «نقاطاً مشتركة بين روسيا وتركيا لتسوية الأزمة في سورية، ولم أشعر بأي صعوبات، بل على العكس، نستطيع تأكيد مواقفنا»، معقباً أن «اعتداءات باريس أثبتت صوابية دعوة روسيا إلى تشكيل تحالف دولي لمكافحة الإرهاب». وأكد بوتين: «بالنسبة لي، لا يجب أن نضع في أولوياتنا مسائل هي بطبيعتها ثانوية. أول ما يجب القيام به هو توحيد جهودنا في مكافحة الإرهاب والمنظمات الإرهابية. ويجب على هذا الأساس الاتفاق على إصلاح سياسي».