بوتين وأوباما: كباش الدورة السبعين
على الأغلب، ستذكر الدورة السبعين لجلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي جرت أعمالها في نيويورك على مدار الأسبوع الماضي، كواحدة من أبرز المحطات الدبلوماسية التي برز فيها الصراع الروسي- الأمريكي، بما يحمله اليوم من مستجدات ومتغيرات في موازين القوى الدولية.
بين تماسك بوتين، المستمد من ثبات خطاب بلاده حول الملفات الإشكالية دولياً، وتخبط أوباما، المستقى أيضاً من تخبط وتراجع الولايات المتحدة وحلفائها، قوبلت الدورة الحالية للأمم المتحدة باهتمام سياسي وإعلامي واسع، لما ثبتته من مواقف واختلافات جدية بين المحورين.
استهل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، كلمته أمام الجمعية العامة بالمبادرات والإعلانات الهادفة إلى «التنسيق بين القوى التي تواجه تنظيم داعش جميعها»، في حين لم يجد الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، مفراً من محاولات الهروب إلى العموميات التي حملها الجزء الأكبر من كلمته، فيما عدا اللحظات التي شهدت «اعترافات بالأخطاء» التي ارتكبتها الولايات المتحدة.
«داعش لم يقع من السماء»..!
اقترح بوتين، خلال كلمته التي استغرقت نصف ساعة، بحث إمكانية التوصل إلى صياغة قرار لمجلس الأمن «ينص على تنسيق جهود القوى المناهضة لتنظيم الدولة الإسلامية وجماعات إرهابية أخرى جميعها، على أن يعتمد هذا التنسيق على مبادئ ميثاق الأمم المتحدة»، داعياً إلى «استراتيجية شاملة ترمي إلى إعادة الاستقرار السياسي إلى الشرق الأوسط، وإنعاش المنطقة اقتصادياً واجتماعياً».
ولفت بوتين إلى أن «التدخل الخارجي العنيف هو الذي أدى إلى تدمير مرافق الحياة ومؤسسات الدولة في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الأمر الذي أسفر عن سيادة العنف والفقر والكارثة الاجتماعية وتجاهل حقوق الإنسان، بما فيها حقه في الحياة»، ليتابع: «ولو سألنا من خلق هذا الوضع: ما الذي صنعتموه؟ فأخشى أن يبقى هذا السؤال بلا جواب، لأن السياسية المبنية على الثقة المفرطة باستثنائيتها وحصانتها من أية مساءلة لم يتم التخلي عنها.. لقد أصبح واضحاً أن فراغ السلطة في بعض بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أدى إلى ظهور مناطق فوضى، سارع المتطرفون والإرهابيون إلى تعبئتها».
وحول دور الغرب في تعميم الفوضى، استكمل بوتين: «من بين عشرات آلاف من مسلحي داعش، يوجد عسكريون سابقون في الجيش العراقي أصبحوا مهمشين، جراء الاجتياح الأمريكي للعراق عام 2003. كما أن أعداداً من المتطرفين جاؤوا من ليبيا- التي انهارت كدولة، نتيجة انتهاك قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973. أما حالياً، فينضم إلى المتشددين أفراد ما يعرف بالمعارضة السورية المعتدلة المدعومة من الغرب»، مشدداً على أن «داعش تنظيم لم يقع من السماء، بل تم تربيته كأداة».
«تعلمنا درساً في العراق».. و«أخطأنا في ليبيا»
بدوره، عرض أوباما على مدار 45 دقيقة مواقف بلاده من الملفات الدولية، التي كان البيت الأبيض ضليعاً إلى حد بعيد في تعقيدها، ليبدأ كلمته بالقول: أن «الولايات المتحدة لا تريد العودة إلى الحرب الباردة»، والتركيز على أنه يعي «المخاطر التي يواجهها العالم اليوم، وأفهم في الوقت نفسه أن الولايات المتحدة لن تستطيع حل المشاكل الدولية لوحدها.. فالقوة وحدها لا يمكن أن تفرض النظام في العالم.. تعلمنا هذا الدرس في العراق.. فالعراق كان تجربة صعبة، رغم قوتنا، وأثبتت أننا بحاجة إلى دول أخرى لحل المشكلات».
وحول ما سماه «أخطاء المجتمع الدولي في ليبيا»، أشار أوباما إلى أنه «كان على المجتمع الدولي فعل المزيد لتجنب حدوث فراغ في القيادة بليبيا، التي تعيش حالة من الفوضى، منذ سقوط معمر القذافي قبل أربع سنوات.. حتى ونحن نساعد الشعب الليبي على إنهاء حكم طاغية، كان بوسع تحالفنا، وكان لزاماً علينا، فعل المزيد لملء الفراغ الذي تركه».
وفي حديثه عن الأزمة السورية، انتقد أوباما موقف موسكو، قائلاً إن «هناك من يدافع عن الأسد، بدعوى أن البديل هو الأسوأ»، مؤكداً في الوقت ذاته «استعداد الولايات المتحدة للعمل مع الجميع لحل الأزمة السورية، بما في ذلك روسيا وإيران».