«نكتة» وول ستريت
بقلم: ديف ليندورف بقلم: ديف ليندورف

«نكتة» وول ستريت

من المسلي مشاهدة وقراءة التقارير في وسائل الإعلام حول التراجع الحالي لأسواق الأسهم، التي قلَّصت- على مدار أيام العمل الستة الماضية- من القيمة السوقية لأسهم الشركات الأمريكية المتداولة علناً، بما يقارب 2.1 ترليون دولار..!

إعداد وترجمة: رنا مقداد

في مقال الأربعاء الماضي 26/8/2015، قال موقع «CNN Money» أنه لا داعي للقلق بشأن تحطم السوق، لأنه «راهناً، يبدو الاقتصاد الأمريكي بصحةٍ جيدة. إنه في طريقه للنمو بحوالي 2% هذا العام، والبطالة تعود إلى مستوياتٍ متدنية كانت قبل الكساد العظيم».

في اليوم عينه، اعترفت «نيويورك تايمز» أن هناك بعض القضايا التي كانت «مهملة» سابقاً وجرى الاهتمام بها حالياً، إلا أن هذه المادة ركزت أيضاً على الخارج، ليس على الولايات المتحدة نفسها، زاعمة أن الاقتصاد «ليس بمنأى، بطبيعة الأحوال، عن التباطؤ الاقتصادي العالمي».

نظرة على الداخل الأمريكي

دعونا ننظر في كلٍّ من هاتين الحجتين بشكلٍ مترابط ووثيق:

أولاً، من يقول بأن الاقتصاد الأمريكي يبدو «بصحةٍ جيدة» فهو لم يبحث أو ينظر عن كثب. عندما يكون معدل النمو 2% ليس هناك ما يستدعي السعادة. فمنذ الأزمة المالية، عندما كان النمو سلبياً، يجهد الاقتصاد الأمريكي ليصل إلى أكثر من 2% سنوياً بكثير. ومع ذلك، لم يتجاوز في أفضل عام له (2014) نسبة 2.4%. قارنوا ذلك مع تسعينات القرن الماضي، عندما كانت هناك خمس سنوات من معدلات النمو 4% في السنة وأكثر، وسنتين فقط من معدلات نمو أقل من 2%.

أضف إلى ذلك أن النمو في حد ذاته هو إحصائية مشكوكٌ فيها. كما أن الفجوة بين الأجور والثروة في الولايات المتحدة اتسعت لتصير هوة، حيث ذهب معظم «النمو» في الاقتصاد الأمريكي، وخصوصاً منذ الأزمة المالية، إلى الـ10% الأغنى، وفي نهاية المطاف إلى 1% من السكان. قد يكون ذلك عظيماً بالنسبة للأثرياء، لكن إذا كان لديك اقتصاد يعيش ويموت أساساً على الإنفاق الاستهلاكي، فإن ذلك سيقلل من كمَّ الأشخاص القادرين على القيام بهذا الإنفاق.

الانفاق الاستهلاكي.. و«الوضع محزن»

في الوقت نفسه، يشكِّل الادعاء الوهمي بأن أرقام البطالة قد تراجعت إلى «مستويات متدنية» عملية احتيال كبيرة. اليوم، يوجد 2.5 مليون أمريكي عاطل عن العمل لأكثر من 6 أشهر، وهو ما يمثل نسبة 29% مهددين بالبقاء كمعطلين على العمل على المدى الطويل. وهو الرقم الأعلى في التاريخ الأمريكي، فضلاً عن التضليل الذي تحمله الأرقام الرسمية، نظراً لأنها لا تأخذ بعين الاعتبار نوعية الوظائف ومدى جودتها أو رداءتها.

إذا تعرض الدخل لحالة ركود أو هبوط، فإن ذلك لن يبشر بالخير بالنسبة لاقتصاد كاقتصاد الولايات المتحدة، حيث هناك القليل جداً مما يجري إنتاجه، و70% من الاقتصاد هو مجرد إنفاق استهلاكي معتمد على البضائع التي يتم استيرادها من الخارج. ولذلك، لا عجب من أن الكثير من الوظائف التي يجري إنشاؤها هي في قطاع الخدمات: عمال الوجبات السريعة، وصرافي البنوك..

الحقيقة هي أن الاقتصاد الأمريكي في وضعٍ محزن. ففي الوقت الذي تتدعي فيه الصحف أن المسألة تكمن فقط في أنه لا يمكن أن نتجاهل مشاكل الاقتصاد العالمي، وبأنه ليس علينا أن نقلل من شأن تأثير التباطؤ الاقتصادي العالمي على اقتصاد الولايات المتحدة، تنسى الصحيفة و(خبراؤها) أنهم هم من يقللون من شأن مشاكل الاقتصاد الأمريكي نفسه..!

 

*عن «Business Insider» بتصرف