انتخابات إسبانية مثقلة بالتجربة اليونانية

انتخابات إسبانية مثقلة بالتجربة اليونانية

الأزمة اليونانية، وإمكانية خروج بريطانيا واليونان من الاتحاد الأوروبي، سلوك طريق الحرب أم السلم، أزمة بلدان الجنوب الفقير، جميعها قضايا اقتصادية اجتماعية وسياسية ساخنة، جاءت لتعبر عن الأزمة الخانقة التي تهدد بتفسخ الاتحاد الأوروبي نفسه.

هذا التفسخ الناتج أساساً عن الدور الوظيفي للاتحاد الأوروبي داخلياً وخارجياً، فيما يأتي في سياق ذلك تفاقم الأزمة الاقتصادية في إسبانيا، كأحد الأمثلة على هذه الأزمة الشاملة التي هي أزمة رأس المال الذي يحاول جاهداً تسويف وتمييع الحلول الجذرية الشاملة للمشاكل المتفاقمة. 

أرقام تؤكد الأزمة

حسب بيانات مكتب الإحصاء الأوروبي «يوروستات» لعام 2013، فإن خطر الفقر بين الأطفال «دون 18 عاماً» في إسبانيا بلغ نسبة 29.9% عام 2012، أي بزيادة 9% عن المتوسط في الاتحاد الاوروبي، لتكون بذلك ثاني دولة  في الاتحاد الأوروبي، بعد رومانيا، تعاني من أكبر معدل فقر بين الأطفال، لتليها في ذلك بلغاريا واليونان. كذلك، فإن لدى إسبانيا أكبر معدل في ترك الدراسة سنوياً في الاتحاد الأوروبي، والذي بلغت نسبته 24.9% عام 2012، مقابل 12.7% كمتوسط أوروبي.

وعلى هذا النحو، ذكرت التقارير الإحصائية أن معدل الفقر بين الأسر التي لديها أطفال قد ازداد بنسبة 10% منذ عام 2011، بسبب ضريبة القيمة المضافة فقط، والتي جرى رفعها من 16% إلى 18%. فيما بلغ عدد الأطفال الفقراء، بحسب هذه التقارير، 2.5 مليون طفل إسباني.

6 مليون معطل عن العمل

حسب صحيفة «ألباييس» الإسبانية، وصلت نسبة البطالة في إسبانيا إلى 25.7%، ووصلت هذه النسبة في الصيف الحالي إلى 26%. وبحسب آخر الإحصاءات، فإن أكثر من 12% من سكان إسبانيا تحت عتبة خط الفقر، بالإضافة إلى وجود ستة ملايين شخص عاطلين عن العمل في عام 2015، وهذا ما جعل إسبانيا مصنفة ضمن أكثر المجتمعات معاناة من عدم المساواة في أوروبا. ويأتي التقشف ليزيد الطين بلة، حيث بات أكثر من 400 ألف مواطن يبحثون عن الطعام، وما يزيد عن 50 ألفاً يبحثون عن مآوى لهم.

أزمة إسبانية؟

الناظر إلى مجمل الوضع الاقتصادي الاجتماعي لشعوب الأطراف الأوروبية، يمكن له أن يلتمس أن الأزمة لا يمكن لها أن تقف عند حدود هذه الدولة أو تلك، فالأزمة أساساً، لم تكن من خلق دول الأطراف كما يحاول الإعلام تصويرها، بل استمدت أسبابها من الأزمة الرأسمالية العامة ومن بنية الاتحاد الأوروبي ودوره الوظيفي في تغليب مصالح قوى رأس المال المالي المهيمن على أغلب القطاعات الأوروبية. وضمن المنطق ذاته، لا يمكن الحديث اليوم عن حل الأزمة في بلدٍ واحد، بمعزل عن حل الأزمة الأم، وهو ما أكدته الطريقة والسياق الذي انحدرت إليه الأزمة اليونانية، وخضوع حكومتها إلى شروط الترويكا مع استمرار الحراك الشعبي الرافض لتلك السياسات.

 

وفي الحالة الإسبانية، ينتظر الإسبان استحقاقاً انتخابياً مهماً ومعبراً عن رغبات المجتمع بالتخلص من تدني مستوى المعيشة، وارتفاع مستويات البطالة، وهو الانتخابات التشريعية التي ستجري قبيل انتهاء العام الجاري، والتي من شأنها أن تعكس ميزان القوى السياسي في الداخل، وتحسم توجهات التقشف والبطالة بالدرجة الأولى، ومسألة العضوية في الاتحاد الأوروبي ومنطق التعامل مع قيوده تالياً.