تفجيرات «سروج»..والمسارات الثلاثة
بعد ارتفاع حصيلة الهجوم الانتحاري الذي استهدف إحدى المسيرات الطلابية المتضامنة مع مدينة «كوباني- عين العرب السورية» في مدينة سروج إلى أكثر من 32 شهيداً مدنياً، وما يزيد على 100 جريح، أكدت الحكومة التركية ارتباط منفِّذ العملية بتنظيم «داعش»، الذي عكفت الحكومة ذاتها على التسهيل لعملياته في سورية والعراق.
وفي التبعات المباشرة للعملية، شهد جنوب البلاد تصعيداً خطيراً تمثل في المواجهات الدامية بين قوات الشرطة والمتظاهرين الرافضين لسياسات الحكومة التركية في توريط البلاد وزيادة تضييق الخناق على الحراك المناهض لسياساتها، فيما تمثل التصعيد الأبرز، في إعلان ما تسمى بـ«قوات الدفاع الشعبي»، عبر بيان على موقعها الإلكتروني، مسؤوليتها عن قتل ضابطين من الشرطة التركية في بلدة رأس العين التابعة إلى محافظة شانلي أورفة، وذلك لقيامهما بالتعاون مع عصابات «داعش» ورداً على مجزرة سروج، حسب البيان المذكور.
في المقابل، عمت التظاهرات المنددة بسياسة «العدالة والتنمية»، والمتهمة إياه بالتواطؤ مع تنظيم «داعش» البلاد، لتطال مناطق عدة في اسطنبول وأنقرة والمناطق الجنوبية الشرقية، في حين دعا حزب «الشعوب الديمقراطي» مؤيديه ومناصريه للتوجه نحو اسطنبول للمشاركة في المسيرة الحاشدة يوم الأحد 26/7/2015.
إلى ذلك، تبنى معظم التحليلات في تفسير المشهد التركي، على ثلاثة مسارات متوازية، الأول يؤكد أن أردوغان، ومن خلفه حكومة «العدالة والتنمية» يسعيان، عبر الاستفادة من عمليات «داعش» في الداخل التركي، إلى رفع تكلفة سقوط هيمنة الحزب على المشهد السياسي الداخلي، من خلال التلويح بالأخطار المحدقة المرشحة للتصاعد في الأيام القادمة. والثاني، يذهب للتركيز على محاولة الحزب مفاقمة الشرخ في «مسار السلام التركي- الكردي»، من خلال استدعاء كل العوامل التي من شأنها أن تزيد هذا «الفالق» سوءاً. أما الثالث، فيقرأ التطورات الأخيرة، بما فيها العمليات الانتحارية، من زاوية التجهيز التركي الأولي للمشاركة في الفكرة المطروحة روسياً للتعاون الإقليمي ضد الإرهاب، من خلال تحضير الأوساط المتشددة تركياً، وداخل «العدالة والتنمية»، لمثل تلك المشاركة.
وإن كانت جملة العوامل الثلاثة السابقة صالحة بتداخلها لتفسير مجريات الداخل في تركيا، فإن ذلك يستدعي مراقبة تطورات المشهد خلال الأيام القادمة، والمرشحة لزيادة التصعيد، لا سيما أن مهمة زيادة الفالق المذكور آنفاً باتت نطاق عمل رئيسي يعمل المركز الغربي على إيلائه أهمية فائقة.