«النووي الإيراني»: محسوم بموازين القوى
نادر ميداني نادر ميداني

«النووي الإيراني»: محسوم بموازين القوى

حتى ساعة انتهاء تحرير هذه المادة كانت لعبة عض الأصابع إعلامياً تتواصل في فيينا، بين تشديد أمريكي على ضرورة إنجاز الاتفاق على الملف النووي الإيراني، بهدف عرضه على الكونغرس، وتساهل إيراني مع عامل تمديد وقت المفاوضات على قاعدة ما لا يتفق عليه اليوم يتفق عليه غداً، شريطة عدم الخضوع للابتزاز الأمريكي.

وعلى الرغم من ارتفاع حدة التصريحات الصحفية بين وزيري الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، والأمريكي، جون كيري، إلا أن موضوع الخلاف بات اليوم شبه محسوم، بعد التوصل إلى إقرار أكثر من 95% من بنود الاتفاق بين إيران ودول السداسية الدولية.

بعدما شكَّل موضوع المهل الزمنية، خلال الأعوام الماضية من المفاوضات بين إيران ودول «5+1»، موضوعاً للدلالة على عمق الخلافات الحاصلة في عملية التفاوض، تكتسي المهل الزمنية اليوم، طابعاً جديداً يؤشر على جدية الأطراف المشاركة في التوصل إلى اتفاقٍ في القريب العاجل، فيما يبدو الدور الأمريكي وحيداً في المضي بعملية العرقلة زمنياً.

التقدم جارٍ.. 

لم يبلغ التقدم في المفاوضات حد الاعتراف بحق الجمهورية الإسلامية في إيران باستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية فحسب، وحصر ذلك في مفاعل «نتانز»، بل تجاوز التقدم ذلك، ليصل إلى حسم موضوع الرفع التدريجي للعقوبات المالية والاقتصادية عن إيران، بمجرد دخول الاتفاق حيز التنفيذ الفعلي، وهو ما كان يعد موضوعاَ شائكاً خلال الأمس القريب من أيام المفاوضات. وهذا يعني بالأرقام عشرات المليارات من الأموال الإيرانية المجمدة في الحسابات والتعاملات التجارية الخارجية والتي سيعاد إدخالها في عجلة الاقتصاد الإيراني بكل ما يعنيه ذلك من نمو لاحق.

بدوره، يستحضر المفاوض الأمريكي موضوعاً شائكاً آخر، في سياق بحثه عن العوامل التي من شأنها أن تعرقل حسم الملف بشكلٍ يؤكد حالة التراجع لدى الولايات المتحدة. إذ يجري اللعب بورقة منع رفع الحظر عن توريد الأسلحة إلى طهران والتحكم بتوقيت هذه العملية، بهدف تأجيل حسم الاتفاق. ففيما تشترط الولايات المتحدة أن يكتفى برفع الحظر الاقتصادي، دون العسكري، عن طهران، تؤكد الأخيرة، على لسان نائب وزير خارجيتها، عباس عراقجي، أن «موضوع حظر توريد الأسلحة ليس مهماً بحدِّ ذاته بالنسبة لإيران التي تزدهر صناعتها الحربية الوطنية، لكنها تصر على إلغاء العقوبات جميعها من حيث المبدأ».

..و«الأمريكي» وحيداً

بمسحٍ سريع لمواقف الدول المشاركة في المفاوضات، يبدو الطرفان الروسي والصيني، الأكثر حزماً في إصرارهما على التوصل إلى «اتفاقٍ جيد» بغض النظر عن المهل الزمنية التي قد يستدعيها ذلك، فيما يبدو السعي الأوروبي ميالاً للدفع سريعاً بحسم الملف، حيث سيؤدي ذلك، بحسب العديد من المحللين الأوروبيين، إلى تنشيط الكثير من الاتفاقات التي قد تجري بين إيران والدول الأوروبية بمجرد التوصل إلى اتفاقٍ نهائي.

التفاؤل الروسي الصيني الإيراني بالدور الذي تلعبه الدول الأوروبية في موضوع الملف، يقابله من جهةٍ أخرى، تعنتٌ أمريكي واضح، تحكمه حاجة الولايات المتحدة إلى عدم تظهير حالة تراجعها بشكلٍ أكبر، لا سيما أن التفاوض الجاري اليوم كله، يبنى على أرضية ثابتة، أساسها الاعتراف بحق إيران في استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية، وانطلاق المزيد من الإمكانيات الكامنة لدى إيران كدولة.