مؤسسات النهب الدولي: النموذج البرتغالي

مؤسسات النهب الدولي: النموذج البرتغالي

مع تصاعد الأزمة العامة للنظام الرأسمالي، يتفاقم دور خطط التقشف الليبرالية، التي تشكل آليات هجومية تقوم عبرها البنوك والمؤسسات المالية العالمية بنهب ثروات الشعوب وتخريب اقتصاداتها.

بعد «خطة الإنقاذ المالي» التي وضعها صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي، دخلت البرتغال مرحلة التقشف الليبرالي المتصاعد منذ عام 2011، مع توقعات بركودٍ طويل وغير مسبوق في الاقتصاد. وأعلن رئيس الوزراء، بيدرو كويلهو، آنذاك، البدء بفرض ضرائب جديدة وتسريع وتيرة «برنامج الخصخصة» وفرض قيود صارمة على الشركات العامة، كان قد اتفق عليها مع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد، مقابل الحصول على حزمة قروض دولية بقيمة 78 مليار يورو (113 مليار دولار).

في موازاة ذلك، نقلت وكالة «لوسا» البرتغالية للأنباء، أن النسبة المئوية لفوائد هذه القروض كانت تبلغ 3.25%، فيما وصلت النسبة حسب «رويترز» إلى 4.2%، وربما كانت أكثر من ذلك أيضاً، في حين أعلن «مكتب الإحصاء الوطني» في البرتغال، أن عجز ميزانية البلاد وصل خلال الربع الأول من 2012، إلى 7.7% من إجمالي الناتج المحلي، وهو ما يزيد بكثير على المعدل المستهدف بالنسبة للحكومة، خلال ذلك العام الذي يبلغ 5.9%. وذكر مكتب الإحصاء البرتغالي أن حصيلة خفض الانفاق، وزيادة الضرائب، التي قامت بها الحكومة تلاشت بسبب ارتفاع تكاليف الاقتراض من أسواق المال.

التراجع الاقتصادي و«القلق» الدولي

مهدت سياسات التقشف الليبرالية أرضية البرتغال لتصبح في قلب عاصفة الديون الأوروبية، وضاعفت مفاعيل الأزمة الاقتصادية، حيث أعلنت وكالة «فيتش» الأمريكية عن تراجع التصنيف الاقتصادي للبرتغال، مرجعة ذلك إلى ارتفاع مستويات الدين وصعوبة الأوضاع المالية. إذ بلغ إجمالي قيمة قروض البرتغال حتى 2013 ما يقارب الـ110 مليار يورو، أي 140 مليار دولار.

بدوره، أشار مدير صندوق النقد الدولي، دومينيك ستراوس، بعد عامين من خطة الانقاذ، عن قلقه العميق إزاء الأوضاع الاقتصادية في أوروبا، مشيراً إلى أنها سوف تواجه مستقبلاً مفعماً بعدم الاستقرار، وأن المخاطر المحدقة بها أخطر وأكثر من أي وقت مضى.

الخروج والانهيارات السريعة

في تصريح لرئيس الوزراء، بيدرو كويلو، في أيار 2014، أعلنت البرتغال الخروج من برنامج الدعم المالي، دون أن تطلب من الاتحاد الاوروبي خط ائتمان وقائي، لتكون الدولة الثانية، بعد إيرلندا، التي تخرج من وصاية الدول الدائنة، حيث تملك البلاد احتياطات مالية لمدة عام كامل، حتى آذار 2015، وهو ما سيجنب البلاد أي اضطرابات داخلية، حسب وكالة «فرانس برس».

لكن كل ذلك، لم يمنع انهيار النظام المصرفي في البرتغال في نهاية آب 2014، بعد الخسائر الكبيرة التي أصابت مصرف «اسبريتو سانتو»، وهو أكبر المصارف البرتغالية من حيث حجم الأصول، كما أنه ثاني أكبر بنك مقرض في البرتغال، فضلاً عن أنه أحد أهم المصارف في المنطقة الأوروبية. حيث جرى إخفاء خسائر ضخمة للمصرف تقدر بنحو 5.7 مليار يورو في استثماراته في أنجولا.

الثامن عالمياً.. بعد إيطاليا

نشر موقع «ذا ريتشست»، في شباط 2015، تقريراً يضم الدول الأعلى مديونية في العالم، وذلك من خلال قياس الدين العالمي كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، للوصول إلى الدول التي تعاني من مستويات ديون غير مستدامة. وعلى هذا الأساس جاءت البرتغال في المرتبة الثامنة عالمياً بعد اليابان وزيمبابوي ولبنان واليونان و«سانت كيتس ونيفيس» و«أنتيغوا وبربودا» وإيطاليا.