«أحب روسيا وأحب أوروبا»!

«أحب روسيا وأحب أوروبا»!

مع ظهور بوادر التصدع داخل منظومة الدول الأوروبية، يبدو أن الحراك الشعبي الأوروبي قد أخذ يتصاعد في مواجهة سياسات التقشف ومثيلاتها، والناجمة عن القيود المفروضة من الاتحاد الأوروبي، حامي مصالح وقوانين رأس المال.

من المعلوم أن أوروبا كانت قد نالت الحصة الأكبر من الخسائر التي أفرزها منطق فرض العقوبات الاقتصادية على روسيا. ومن المعلوم أيضاً أن أوروبا تدفع ثمن مجمل سياسة الاتحاد الأوروبي المدفوع قدماً من الأمريكيين. فيما يلي، نستعرض مستجدات الاحتجاجات على الساحتين الألمانية والإسبانية.
ألمانيا ضد التصعيد
بالتزامن مع انعقاد الدورة الحادية والخمسين لـ«مؤتمر ميونخ للأمن»، شهدت الساحات الألمانية يوم السبت 7/2/2015مظاهرات حاشدة مندِّدة بحلف «الناتو» ونشاطاته، ومنادية في الوقت ذاته بمنع توجهاته الحربية ضد روسيا.
وأعرب المحتجون عن قلقهم إزاء التصعيد الجديد في أوكرانيا، وما قد تصل إليه الأزمة هناك. وطالبوا بحل الأزمة بطريقةٍ دولية واعية بدون السعي وراء المكاسب السياسية على حساب الأرواح البشرية. ورفع المتظاهرون يافطات كتب عليها عبارات مثل «لا حرب في غياب الناتو»، و«أحب روسيا وأحب اوروبا»، هاتفين للسلام وضد الحرب وسياسة العسكرة. وقال أحد المشاركين إن «الحلف الأطلسي أشعل في السنوات الأخيرة نيران العديد من الحروب حول العالم، منها ما نشهده حالياً في أوكرانيا». كذلك، عزّى المحتجون ذوي ضحايا الصراع في جنوب شرق أوكرانيا.
59٪ من الإنتاج الإسباني متأزم
من جانب آخر، كشفت وزارة الخارجية الإسبانية، على لسان وزيرها خوسيه غارسيا مارغايو، خلال اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي المنعقد في بروكسل يوم الإثنين 9/2/2015، أن خسائر الاتحاد الأوروبي قد بلغت نحو 21 مليار يورو جراء فرض العقوبات ضد روسيا. حيث كشفت مدريد أن قطاع السياحة والزراعة في إسبانيا قد تأثرا بشكل كبير جراء العقوبات الأوروبية ضد الاقتصاد الروسي.
ورداً على الدول التي أظهرت موقفاً عدائياً من روسيا، كانت موسكو قد قامت سابقاً بفرض حظر على استيراد بعض المواد الغذائية إلى سوقها من تلك الدول، وشملت قائمة الحظر الروسي منع استيراد لحوم البقر والخنزير والدواجن والنقانق والسمك والخضروات والفواكه ومنتجات الألبان وبعض المنتجات الأخرى من الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وكندا، وأستراليا، والنرويج.
احتجاجات متواصلة
وبتأثير العقوبات على روسيا، تضررت زراعة الفواكه في إسبانيا، وأتلفت محاصيل المزارعين في المخازن. وللمرة الثانية، خرج مزارعو الخوخ والحمضيات في احتجاجات بإقليم كاتالونيا يومي 8-9 شباط يطالبون بتعويضات للمحاصيل التي أتلفت لأن روسيا لم تستورد محاصيلهم، وكانت قد سبقتها احتجاجات مزارعي مدريد ووسط إسبانيا نهاية 2014.
وبدعوة من اتحاد المزارعين، شملت الاحتجاجات مناطق الكانار ومدريد وتاراغونا وغيرها، حيث خرج المزارعون مع جراراتهم والشاحنات المحملة ببقايا المحاصيل أمام المباني البلدية رافعين شعارات منددة بالاتحاد الأوروبي، ومطالبة بإيجاد حل لأزمة زراعة الحمضيات في إسبانيا.
وكان قد انضم إلى حركة الاحتجاج عمال الصناعات الغذائية المرتبطة بالحمضيات بدعوة من اتحادات العمال، منددين بسياسة الحكومة التي أثرت بشدة على منتجي الحمضيات، ومطالبين بتعويضات وإغاثة عاجلة.
وتظاهر المزارعون في منطقة الميريا بدعوة من اتحاد المزارعين أمام أكبر المولات التجارية، بسبب انخفاض أسعار محاصيل الحمضيات بعد توقف التصدير إلى روسيا. وفيما خرج مزارعو البطاطا في منطقة غرناطة وأندلسيا بتظاهراتٍ أمام المولات التجارية أيضاً، كانت خسائرهم قد بلغت في أندلسيا 74 مليون يورو. وشارك في الاحتجاجات كذلك صيادو الأسماك في تاراغونا والميريا بسبب توقف التصدير إلى روسيا.
إلى ذلك، بلغت صادرات قطاع الفاكهة والخضار إلى روسيا قبل العقوبات 59٪ من إجمالي الإنتاج الإسباني حيث كانت حصة اللحوم 19%، والزيتون 19.7%. ويبلغ عدد الشركات المهدَّدة بالإفلاس في أندلسيا وحدها 156 شركة، بسبب توقف التصدير إلى روسيا. وكذلك بلغت قيمة محاصيل البطاطا والحمضيات التي تعرضت للإتلاف في أندلسيا 125 مليون يورو. واقعياً، تهدد العقوبات الغربية الموجهة ضد روسيا قطاع الزراعة الإسباني، لا سيما الخضروات والفواكه التي تؤثر بنسبة 80% على الاقتصاد الإسباني.