الإرهاب وضرورات الأمن القومي المصري
أعلن «مجلس الدفاع الوطني المصري» حالة الطوارئ وحظر التجوال لمدة ثلاثة أشهر في المنطقة الممتدة من مدينة رفح على الحدود مع قطاع غزة حتى غرب العريش، إضافة إلى مناطق وسط سيناء، وذلك عقب العملية الإرهابية التي شهدتها منطقة العريش، وأسفرت عن استشهاد 33 من القوات المسلحة والمدنيين.
لا تعد عملية مكافحة الإرهاب من قبل الجيش المصري في سيناء مستجدة، بعد أن شهدت المنطقة عمليات متكررة تعدت كونها «جنائية» لها علاقة بمسألة تهريب البضائع إلى القطاع وتتطلب الرد الأمني، إلى عمليات إرهابية منظمة تطلبت العمل ضمن مفهوم الأمن القومي المصري، الذي أصبح مشروع نقاش سياسي وشعبي مستمر على جميع المستويات، بعد أحداث «مذبحة رفح الأولى والثانية والثالثة»، وأحداث أيلول الفائت. ولكن هل يقتصر مشروع التوتير المستمر على سيناء وحدها؟ أم أن الاستهداف يتعدى المناطق الحدودية شرقاً؟
بالنظر إلى وضع الحدود «المصرية – الليبية»، وما صدر عن مساعد رئيس الوزراء المصري في حزيران الفائت بـ«ضرورة معالجة بؤر الإرهاب في ليبيا، باعتبارها مصدر قلق لليبيا ودول الجوار المباشر»، إضافة إلى قضية سد النهضة والدعم «الإسرائيلي» المباشر لاستكمال بنائه، فإن الأحداث الأخيرة تبدو استكمالاً لملفات تسعى من خلالها أمريكا والكيان الصهيوني، إلى استكمال «خارطة الحريق» في المنطقة من جهة، وإلى تحجيم الدور المصري وتأخير استعادته لدوره الإقليمي عبر إشغاله داخلياً بقضايا الإرهاب الذي طفا على السطح من جهة أخرى، كأولوية على المصريين تكثيف الجهود في محاولة السيطرة عليه في ظل استمرار الأوضاع الأمنية المتدهورة.
وبناءً على ما سبق، فإنه من المرجح أن العمليات الأخيرة في سيناء تندرج في إطار تشتيت الانتباه واحتمال انتقال العمليات الإرهابية إلى الداخل المصري، خصوصاً بعد البدء بالخطة الهادفة إلى إقامة منطقة عازلة على الحدود الشمالية الشرقية مع القطاع، وهو ما يستلزم توسيع دائرة البحث والرصد لتحديد أدوات الاختراق المحتملة في الداخل المصري، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الاستهداف يتعدى كونه دوراً محدداً لبعض القوى الموجودة في قطاع غزة، كما يتم تصويره واستخدامه من قبل بعض وسائل الإعلام المصرية والعربية، بهدف التأثير على كل قوى المقاومة في القطاع.
ضرب كامب ديفيد
طريق النهوض بالأمن القومي
بالعودة إلى الأحداث الأخيرة في سيناء، فإن الحكومة المصرية بقرارها إقامة منطقة عازلة على الحدود، وهو ما أثار حفيظة الكيان الصهيوني، حيث حذرت وسائل إعلام العدو من زيادة عدد القوات المتواجدة في سيناء، بالقول إن مصر تتخذ من العمليات الأخيرة ذريعة لتعمل على زيادة أعداد قواتها على الحدود.
وهذا الإجراء إذ يعكس مستوى التناقض بين اتفاقية «كامب ديفيد» وضرورات الأمن القومي المصري، الذي يمر عبر إعادة النظر بالاتفاقية المشؤومة وصولاً إلى إلغائها، فيمكن القول أن استمرار محاولات أعداء مصر في جر البلاد إلى أتون الفوضى الشاملة، تستدعي المزيد من الإجراءات «الوقائية الأمنية» على حساب «كامب ديفيد» وصولاً إلى تغييرات سياسية في صلب الاتفاقية، الأمر الذي يستدعي تثبيت قضية إلغاء «كامب ديفيد» في إطار الأولويات وتنشيطها على كل المستويات السياسية والشعبية المصرية، بالتوازي مع استكمال مهام التغيير السياسي الذي بدأ بعد الموجة الثانية من الحراك الشعبي، والمتمثلة بإخراج أحد أهم أذرع الإدارة الأمريكية من الحياة السياسية المصرية، التغيير الذي تشكل الاتفاقية المشؤومة العائق الأكبر في طريقه.