فريدمان: حان الوقت لوقف التفكير باستقرار سورية والعراق..!!
نشر معهد «ستراتفور» الأميركي مؤخراً دراسة للباحث جورج فريدمان المعروف بصراحته الوقحة بالتعبير عن نوايا الولايات المتحدة وطرق تفكيرها، وخياراتها. وتناولت الصحف الغربية والعربية هذا التقرير بالدراسة والتحليل وبينها جريدة السفير اللبنانية التي نأخذ في ما يلي مقاطع من عرضها للدراسة. إنّ هذه الدراسة تحمل أهمية خاصة لأن المضامين التي تحملها تسمح بتجاوز جميع الأوهام المتعلقة بالاستناد إلى واشنطن في الحرب على داعش أو سواها، وكذلك تسمح بتجاوز أية طمأنينة خادعة قد يقع فيها طرف من الأطراف تجاه واشنطن وسياساتها:
«يرى الكاتب أن لبنان كان «محض اختراع» اقتطع من سورية، وقد احتدمت فيه الصراعات بين جميع طوائفه، ومشيراً إلى أن الصراعات بين الفئات اللبنانية لم تنحصر في لبنان، إذ ان الخط الذي يفصل لبنان عن سورية كان عبارة عن رسم فرنسي تعسفي لهذه الحدود، حيث بقيت تأثيرات الأحداث الجارية في المنطقة تعكس تأثيرا فاعلا على الفئات اللبنانية، من تأثير سورية، وفصائل المقاومة الفلسطينية، والاجتياح الإسرائيلي والتدخل العسكري الأميركي في الثمانينيات».
«وكما في سورية، يلفت الكاتب إلى أن أمراً مشابهاً حدث في العراق، إذ ان احتدام الصراع السياسي الطائفي في هذا البلد، وقيام ما يشبه المحاصصة السياسية في هذا المجال، كان آخر نتائجهما صعود تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» - «داعش»، ما دفع الجيش العراقي إلى محاولة خلق توازن عسكري، والأكراد إلى الدفاع عن مناطقهم، ما أنتج انقساما مناطقيا بين السنة والشيعة والأكراد، فأصبحت لكل من هذه الفئات مناطقها الخاصة، مشبها هذا الأمر بما حصل في لبنان من عمليات فرز مناطقي خلال الحرب الأهلية، وضعف السلطة المركزية».
«ويستنتج فريدمان أن وجود حدود بين سورية والعراق كان تاريخياً أمراً غير مؤكد كما هو الأمر بالنسبة للحدود بين سورية ولبنان، لكن شكل الحدود الذي أوجدته اتفاقية سايكس بيكو كان لا يزال قائما للأسباب التي دفعت الأوروبيين إلى انشائها، لذلك، فإن فكرة الحفاظ على عراق موحد أصبحت أمرا غير منطقي، وكما حصل في لبنان لن تستمر هذه الحرب العراقية الى ما لا نهاية، لكنها ستدفع جميع الفئات العراقية في النهاية إلى التفاوض على حل، فإن فكرة أن يعيش الشيعة والسنة والأكراد معا ليست ضربا من الخيال، لكن ضرب الخيال هو أن تظن الولايات المتحدة أن لديها القدرة أو المصلحة في الإبقاء على هذا الاختراع الفرنسي البريطاني الذي وضع على أنقاض الامبراطورية العثمانية».
«ويخلص الكاتب إلى ضرورة الالتفات نحو مدى تفكك الدول القومية، وإلى أي مدى سيؤثر ذلك في مستوى العالم العربي، معتبراً أن ذلك يحصل عمليا في ليبيا، لكنه لم يتجذر بعد في أماكن أخرى، وهو قد ينتج تكوين شكل سياسي جديد في مناطق سايكس – بيكو».
«ويختم فريدمان بالقول: لنضع كل هذا جانباً، النقطة هي أن الوقت قد حان لوقف التفكير في استقرار سورية والعراق والبدء بالتفكير في دينامية جديدة خارج هذه الدول المصطنعة التي لم تعد تؤدي وظيفتها. للقيام بذلك، يجب العودة إلى لبنان، الدولة الأولى التي تفككت والمكان الأول الذي دفع المتحاربين فيه إلى التحكم بمصيرهم لأنهم اضطروا إلى ذلك. نحن نرى النموذج اللبناني ينتشر شرقاً، وسيكون من المثير للاهتمام معرفة المكان الآخر الذي سينتشر فيه».