العراق.. ولعبة ابليس!؟
طلال حسين طلال حسين

العراق.. ولعبة ابليس!؟

سيادة الفوضى وخلط الأوراق، التشويش في اللوحة وغموض الرؤية لدى الكثيرين، تعتبر من سمات المراحل الانتقالية التي عادة ما تعج بالتناقضات، وتأتي الإثارة الإعلامية لتزيد من ضبابية المشهد .. على مسرح شرق المتوسط عموماً وفي العراق على وجه الخصوص تتشابك الأدوار، وتتداخل بحيث تبدو الأمور أحياناً كأنها لعبة إبليس، وكأنها أحجية...!

كي ندرك تعقيدات المشهد بأبعاده المختلفة، ينبغي فهم دور اللاعب الأساسي، وماهية مشروعه، وأدواته، وإذا كانت واشنطن هي اللاعب رقم واحد في الساحة، لابما تمتلك من مصادر هيمنة ونفوذ تاريخية فقط بات من الواضح أنها تتهالك بالمعنى الاستراتيجي على خلفية الأزمة التي يمر بها الاقتصاد الرأسمالي العالمي، بل من خلال تواطؤ بعض القوى الاقليمية من جهة، وعدم جذرية كل القوى التي تقف في الموقع النقيض للمشروع الامريكي من جهة اخرى، فإن فك الألغاز في لعبة واشنطن في العراق يتطلب قراءة تطورات المواقف الأمريكية.

صراع الثيران على الحلبة العراقية!

منذ الاحتلال الامريكي للعراق اعتمدت السياسة الامريكية مع النخب العراقية التي انضوت في العملية السياسية سياسة العصا والجزرة، فنجد مرة صعوداً لدور هذه «القومية»، ومرة صعوداً لدور هذه «الطائفة» ، ومرة أخرى «تمدد » طائفة أخرى، لتتغير المعادلة في اليوم التالي حيث تتراجع درجة تأثير ونفوذ طرف ما ويصعد دور الآخر، ويبقى الكل في حالة إنهاك وصراع، ويبقى الجميع بحاجة دائمة إلى راعي العملية السياسية العتيد، وبما لايسمح لأحد التفكير خارج معادلة الاحتواء الامريكي المركب لكل القوى في الساحة، وليبقى المشهد دائماً في حالة مد وجذر، طالما أن  لكل رقم في المعادلة العراقية المصنعة أمريكياً فيتو قادراً على إعاقة أي تطور طبيعي في بلاد الرافدين، أما إذا تطلب الأمر فلدى واشنطن أدوات لتهييج كل ثيران العملية السياسية على الحلبة العراقية لاستمرار الدوامة، وإجهاض المحاولات الشعبية والقوى الوطنية العراقية الحقيقية بما فيها قواعد واسعة للنخب الحاكمة على تجاوز العملية السياسية خاصة «بريمر» والخروج من الحلقة المفرغة.

تهييج داعش

آخر الثيران الهائجة في الحلبة على الساحة كان «داعش» الذي برر سلوك كل الطبقة السياسية الحاكمة بالاستعانة بواشنطن وصولاً إلى درجة الاستغاثة والاستجداء، لمواجهة داعش «القوة التي لاترد» إلا بيد الجيش الامريكي ؟!! مع العلم إن كل الدلائل والوقائع والمؤشرات تقول إن جميع هذه التنظيمات التكفيرية كانت وما زالت أدوات أمريكية في بلدان المنطقة، وبغض النظر عن التقارير الاستخباراتية، التي أكدت على كون داعش أداة امريكية، اسرائيلية فإن أبسط قواعد التحليل السياسي في تقييم نشاط أية جهة ينطلق من سؤال بسيط مفاده، هذا التنظيم يخدم سياسة من؟ وبدون أي عناء يمكن ملاحظة دور داعش في إثارة الفوضى، ودوره في تعميق الفوالق الطائفية، و في محاولة تغيير البنية الذهنية والثقافية لشعوب المنطقة، أليس كل هذا الدور هو تنفيذ لهدف واشنطن المعلن باعادة صياغة خارطة المنطقة؟
السياسات الامريكية المعروفة ببراغماتيتها، ومرونتها بحيث تستطيع التكيف مع حالة التراجع الاستراتيجي المفروضة عليها قد تبدل في أي لحظة عملاءها والمتواطئين معها، فتبرز دور هذا وتعيد ذاك إلى الخطوط الخلفية، سواء أولئك الذين خرجوا علينا باسم اللبرلة والحداثة، أو الذين خرجوا من مستنقع التاريخ..المهم أن يبقى الجميع خادماً للاستراتيجية الامريكية، وتستمر لعبة إبليس، وتبقى خيوط اللعبة بيدها.