الانتخابات الليبية : استحقاق سياسي أم حرب عملاء؟
في 25 الشهر الحالي، جرت الانتخابات الليبية الثانية بعد اجتياح «الناتو» للعراق، بنسبة مشاركة شكلت أقل من ثلث الناخبين المسجلين، حسبما أعلن مجلس المفوضية العليا للانتخابات، مثيراً بذلك تساؤلات عديدة حول منطق هذه الانتخابات.
أصرت حكومة طرابلس على إجراء الانتخابات رغم الظروف التي تمر بها البلاد، من اقتتالٍ وتدهور اقتصادي نتج عنه أزمة في الطاقة، بعد إصدار قانون تصدير النفط. حيث تم ترشيح حوالي 1714مرشحاً أغلبهم يتنمون إلى جماعة «الإخوان المسلمين»، بالإضافة إلى تيارات سياسية أخرى، يتوزعون على75 دائرة انتخابية موزعة على مجمل البلاد.
الجنوب والشرق: معتكفون عن الانتخابات
لم تشارك مناطق شرق ليبيا، وخصوصاً مدينة درنة التي تسيطر عليها قوى إسلامية متشددة، بالانتخابات، بسبب استمرار القتال بين قوات اللواء حفتر وقوى «أنصار الشريعة». حيث تم خرق الهدنة التي أعلن عنها مسبقاً من قبل هذه القوى المتنازعة. ومدن الجنوب كذلك الأمر، بسبب وقوعها تحت سيطرة قوى متطرفة متشددة.
أما في مدينة الكفرة جنوب شرق البلاد، فقد أقفلت عشرة مراكز انتخابية من أصل خمسة عشر، بعد تظاهر نشطاء من بينهم مرشحون، مطالبين بتعليق العملية الانتخابية، ومتهمين المفوضية العليا للانتخابات بالتزوير، مما أدى إلى إقفال مقراتها في المدينة.
في العاصمة طرابلس، والتي تشهد أكبر تجمع سكاني في ليبيا، وبالرغم من التدهور الاقتصادي الشديد وأزمة المرور، بسبب نقص مادة البنزين والانقطاع المستمر للتيار الكهربائي والهجوم الذي تشهده المدينة بين الحين والآخر من قبل الميليشيات المسلحة، غابت البرامج الاقتصادية الاجتماعية عن الحملات الدعائية للمرشحين، ولم يصدر عن أي منهم مشاريع وطنية جامعة لليبيين بمختلف انتماءاتهم، أو مخارج للأزمة التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من ثلاث سنوات.
مناورة خادم يسعى للاستمرار
إن التمسك بإجراء الانتخابات، بالرغم من الظروف القاسية التي تعيشها البلاد، هو مناورة جديدة يقودها «المجلس الوطني» الليبي ليحتفظ بمواقعه في السلطة، بعد الخسارات التي مني بها بسبب فشله في إدارة البلاد بما يحقق مصالح الغرب على المدى البعيد، وبعد استشعاره رغبة حليفه الغربي بتبديل عباءة السلطة «الإسلامية»، بعباءة جديدة قد يكون اللواء حفتر هو من يرتديها، بوصفه القوة الأولى المصدَّرة إعلامياً كمناهض «المجلس الوطني» حالياً.
حسب المفوضية العليا للانتخابات، سيتم إعلان النتائج الرسمية في 20 من شهر تموز القادم، وسط تخوفات كبيرة من ردود فعل الأطراف المتنازعة، وهو ما يجعل المرحلة القادمة مفتوحة على احتمالات قد تقود البلاد إلى المزيد من الدمار والاقتتال.