في 2022، ربما لن تكون «إسرائيل» على الخارطة..!

في 2022، ربما لن تكون «إسرائيل» على الخارطة..!

قدمت قطر، أميراً وحكومة ومسؤولي ملفها إلى استضافة كأس العالم بكرة القدم، كل فروض الطاعة والولاء الخاصة بالكيان الإسرائيلي، دون سواه، وحظيت بالتالي «بشرف» هذه الاستضافة التي تحولت للمفارقة لدى الغالبية العظمى في العالمين العربي والإسلامي، 

قيادات وأفراداً، إلى «انتصار تاريخي» في وجه «كل من الولايات المتحدة واستراليا واليابان وكوريا الجنوبية، منفردة ومجتمعة»، انتصار «قهر أمريكا وحقق الحلم العربي»، انتصار ربما يوازي لدى هؤلاء المتحمسين، الباحثين عن «قشة ما»، نقطة تحول في التاريخ «القَطَري» والعربي والإسلامي وتاريخ شعوب المنطقة والعالم وانتصاراتها الكبرى في معارك مفصلية كعين جالوت وحطين والقادسية، وصولاً إلى انتصار تموز 2006..!

ويتغافل المهنئون، عن مجريات الترتيب القطري قبل وأثناء وبعد الإعلان عن «الفوز التاريخي» بملف الاستضافة والقائم عبر بوابة كرة القدم على تقديم صورة أخرى عن الشرق الأوسط و«حل مشكلاته التي لم تجد حلاً خارج سياق الرياضة» حسب الشيخة موزة، عقيلة الأمير القطري..!

وكما بات معروفاً، فبينما استخدمت قطر طفلاً إسرائيلياً صوتاً عبرياً وصورة، وشخصاً بالغاً بالصوت، في التسجيل السمعي البصري المقدم إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم، ليتحدثا عما يمكن إنجازه من تلاقي العرب والإسرائيليين في قطر، سارع أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثان للقول إن قطر ليس لديها مانع من مشاركة «المنتخب الإسرائيلي» في بطولة كأس العالم على الأراضي القطرية، في حين أكد نجله الشيخ محمد بن حمد آل ثاني رئيس ملف ترشيح قطر 2022، في ندوة صحيفة بزيورخ تلت إعلان الفوز، أن «استضافة بلاده للحدث الكروي الأكبر في العالم ستؤدى إلى تغيير بعض الصور النمطية عن الشرق الأوسط، بحيث يمكن للمنتخب الإسرائيلي إذا تأهل لكاس العالم المشاركة في المونديال، لأننا نتبع سياسة عدم التمييز فيما يتعلق بالرياضة، وبالتالي فإن الرياضيين الإسرائيليين سيكون بإمكانهم المشاركة دون مشكلة».

ويزيد من «حماسة» المهنئين المشوشين، الواقعين في معظمهم تحت تأثير «عقدة الأجنبي والشعور بالنقص تجاهه والرغبة بمجاراته ولو كرنفالياً»، تلك الأوركسترا الإعلامية والالكترونية المنظمة على وقع المماحكة الأمريكية الإسرائيلية المصطنعة، من وصف أوباما لنتائج تصويت الفيفا بالخطأ التاريخي، إلى تهكم الأوساط الغربية من منح هذا التنظيم لبلد يحرم الخمر والمثلية الجنسية، مروراً بـ«المعارضة» الإسرائيلية في الفيفا خوفاً على سلامة وأمن «الإسرائيليين» لاعبين ومشجعين، وكأن مشاركة «الفريق الإسرائيلي» غير المصنف عالمياً أصلاً، باتت غداً، وهي مضمونة 100 بالمائة.

إن المقصود من هذه الحالة الافتراضية القائمة على اللغط والجدل، مع الهدف التطبيعي السافر ذي البعد السياسي غير الرياضي الذي قبلت قطر وضعه نصب أعينها، أن تشكل مع «التحفظات» الواردة أعلاه، بعض مفردات الملف الذي بات مطلوباً من قطر، والذي سيشكل جدول أعمالها على مدى الاثني عشر عاماً المقبلة، لتثبت «جدارتها» وإلا سُحب منها الترشيح. لأنه عندما يجري الإعلان عن «جائزة وشرف» سيجري تنفيذها فعلياً بعد أكثر من عقد من الزمان فإن الجهة المانحة ترهن الممنوح لشروطها طيلة هذه الفترة، ليواصل هو تقديم كل فروض الطاعة والولاء كي لا تضيع منه، ويخرج «مهزوماً»..! وعلينا أن نترقب ما الذي ستقدم عليه قطر داخلياً، وما الذي ستقترحه وتسوقه إقليمياً خلال اثني عشر عاماً من الارتهان.

ثمة سؤال يلح على الذاكرة: لماذا لم تقم، وهل ستقوم التلفزيونات العربية، بما فيها «الجزيرة» القطرية المجلجلة والصداحة إدعاءً في وجه التطبيع، بعرض فيلم الترويج القطري المذكور آنفاً؟ وكيف ستتعاطى المحطات العربية مع أوراق الاعتماد التطبيعية السافرة التي قدمتها قطر، وستستمر بتقديمها طيلة تلك الدزينة من السنوات؟ 

الشيخة موزة كانت قد مهدت لعرض الفيلم التسجيلي بحديثها عن كون «الوقت مناسباً لقدوم كأس العالم نحو الشرق الأوسط من أجل احتضان العالم في موعد تعريف عن الماهية»، قبل أن تضيف: «في كل مرة صنعت الفيفا التاريخ.. وبإمكاننا في الشرق الأوسط أن نتحد وراء لعبة كرة القدم بعد أن لامسنا فعاليتها على عدة أصعدة.. إذ في 2022 سيكون لدى اللعبة قدرة على حلِّ المشكلات التي لم تجد حلاّ خارج سياق الرياضة».

مهلاً أيتها الشيخة! أمام العالم اثنا عشر عاماً، لا يعلم أحد من يعيش ومن يموت فيها!

وففيما يعد غنياً عن القول إن 100 مليار دولار هي الكلفة المتوقعة لاستضافتكم المونديال وبناء مستلزماته من فنادق ومشاف وملاعب، هي مبلغ أكثر من معتبر، كفيل بحل عدد كبير من صعوبات ومشقات شعوب عربية هي أبعد ما تكون بالفطرة والماهية عن الرغبة بالتطبيع مع المحتل الإسرائيلي، فإن لدى هذه الشعوب ومقاوماتها أجندات عمل مختلفة كلياً، وربما في 2022 لن تكون «إسرائيل» الإجرامية العدوانية المتغطرسة على الخارطة، فكيف ستكون صورة تنازلاتكم حينها..؟