الفقاعة تُغرق «الموصل» بالدماء وتستبيح المدن
مع بدء ظهور النشاط الإرهابي المسلَّح في الأنبار تحت اسم «داعش»،أعلنت الحكومة العراقية أنها عصابات معزولة،وماهي إلاظاهرة مؤقتة، وأمر القضاء عليها لا يتطلب سوى أيام.
فأعلنَّا من جهتنا، واستناداً إلى تحليلٍ معرفي لطبيعة السلطة القائمة، والأزمات المستعصية التي تعاني منها البلاد على مدى عقد من الزمن، وبناءً على استراتيجية الرأسمالية الفاشية العالمية، وتداعيات الأزمة السورية على المشهد السياسي العراقي، بأن المعركة سوف لن تحسم لا بأيام ولا شهور، وقد تطول لسنوات إن لم يقترن الخيار العسكري بالخيار السياسي.
تهاوي الجيش العراقي.. من المسؤول؟!
بدت «داعش» وكأنها تسرح وتمرح في مناطق غرب وشرق وشمال العراق، ناهيكم عن العاصمة بغداد، وسط سيل غزير لدماء المواطنين العراقيين وتكبد القوات الحكومية خسائر فادحة، وعجز الجيش لدرجة أن يعلن الناطق العسكري بأن 90 إرهابياً قد دخلوا سامراء، وقامت القوة الجوية ب 82 طلعة جوية! أي ما يقارب طلعة جوية مقابل كل إرهابي، علماً أن هؤلاء التسعين اجتاحوا المواقع العسكرية واحتلوا أحياءً سكنية بكاملها. وما إن أعلن الجيش استعادته السيطرة على سامراء، حتى حلت كارثة احتلال الموصل،وهروب القيادة العسكرية والمحافظ.
مع تواصل المعارك في ديالى والفلوجة، وتمكن «داعش» من اقتحام مدن أخرى، في مشهد يعيد إلى الأذهان بدايات المشهد السوري تماماً، مع الفارق الكبير في القدرات على جميع المستويات بين النظامين السوري والعراقي (عدا الإطلاق والتعميم المشترك: «كلهم عصابات مسلحة سيتم القضاء عليها عسكرياً خلال أيام معدودة»).
إن التزام الحكومة العراقية بتعليمات نائب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، القاضية بمنع إعادة بناء الجيش العراقي على أساس وطني، ووفق قانون الخدمة الإلزامية، نتج عنه مشهد خطير يهدد وحدة العراق أرضاً وشعباً. فقوات البيشمركة هي رسمياً جزء من الجيش العراقي، ولكنها لاتحرك ساكناً وتقف على الحياد في معركة الجيش العراقي مع الإرهاب.
الأزمة السياسية
الشهداء العسكريون يشيعون في الوسط والجنوب، وكأن الجيش العراقي لا يضم عسكريين من المنطقة الغربية والموصل،أي بكلام صريح، ودون لف ودوران، يجد المواطن نفسه أمام جيش لطائفة لا لوطن، مما يعمق الشرخ الذي فتح على يد المحتل الأمريكي، ويهدد بتقطيع الجسد العراقي الواحد إرباً إرباً.
ولن تجدي نفعاً سياسة «تبويس اللحى» العشائرية، التي تتوهم الحكومة نجاحها في معالجة هذا الجرح الوطني النازف.إن استخدام سياسة التطوع وبمرتبات عالية، على قاعدة جيوش المرتزقة في بناء الجيش، واستخدامه لأغراض ضمان الولاءات الطائفية والعشائرية والحزبية الدينية، سترتد سريعاً على أصحابها. فالجيوش المستندة إلى العقيدة الوطنية هي وحدها القادرة على حماية الأوطان من الاعتداءات الخارجية، وتشكل العمود الفقري للوحدة الوطنية، ولنا في دور الجيش المصري الشقيق مثالاً.
رأس حربة الصهيونية العالمية
لم يعد خافياً على أحد أن «داعش» تمثل رأس حربة الإمبريالية الأمريكية والصهيونية العالمية التي تعاني من أزمة وجودية لا فكاك منها إثر هزائمها أمام المقاومة الوطنية اللبنانية والفلسطينية والعراقية، ناهيك عن أزمة المراكز الإمبريالية الاقتصادية، التي أفضت تداعياتهاإلى أزمة يصفها المتخصصون بأنها لم تنه أسطورة الجيش الذي لا يقهر فحسب بل جعلته جيشاً فاقداً لإرادة القتال. مما دفع الحركة الصهيونية العالمية لاستحضار كامل خبرتها التاريخية الإجرامية في تشكيل العصابات والمليشيات المسلحة وزاوجتها مع خبرة الدول الاستعمارية والإمبريالية في تشكيل جيوش المرتزقة في أمريكا اللاتينية وإفريقيا وآسيا فكان هذا الوليد اللقيط المسمى «داعش” المجيش من المجرمين والقتلة واللصوص والجهلة وحثالات المجتمع، والمؤدلج وفق أبشع مفردات الخطاب الديني الفتنوي الممتد على مدى قرون من الجهل والتخلف. إذاً، فالمعركة معقدة وتتطلب حلولاً وطنية عسكرية – سياسية- اجتماعية جذرية تؤمن الانتصار على القوى الإرهابية وأسيادها وتضمن سلامة الوطن ووحدة الشعب العراقي.
صباح الموسوي* : منسق التيار اليساري الوطني العراقي