المهمات الوطنية الديمقراطية... ودور الكتلة التاريخية في العراق
تعاني الساحة السياسية العراقية بقواها السياسية وحراكها الشعبي الاحتجاجي وإفرازات ما بعد الانتخابات من ضياع البوصلة التي تؤشر إلى اتجاه طريق الإنقاذ الوطني من الكارثة التي حلت في العراق.
الكارثة المركبة هي عبارة عن: مخلفات نظام فاشي عاث بالوطن تخريباً وتدميراً انتهى بالاحتلال، ونظام حل محله يمارس النهج التدميري الشامل ذاته ولكن بأدوات «جديدة» أفضت إلى تعريض الوحدة الوطنية للتمزق، ورهنت السيادة الوطنية في البيت الأبيض الأمريكي.
ما يجمع بين النظامين هو تغليب المصالح الطبقية الاستغلالية لفئة محدودة من الفاسدين الكبار على مصالح الشعب العراقي عامة والطبقات الكادحة خاصة، استخدام الشعارات الديماغوجية التهييجية، ارتهان القرار السياسي للإمبريالية الأمريكية والتبعية الاقتصادية لها وللشركات الاحتكارية.
غياب البوصلة
إذا كان من الطبيعي أن يتصرف النظامان «الساقط والراهن» بثروات وسيادة البلاد وفق نهج أقل ما يقال عنه بأنه لا وطني، لكونهما يمثلان الطبقة البرجوازية الطفيلية في المجتمع، فإن من غير المفهوم أن لا يتبلورالبديل الوطني التحرري برنامجاً وجبهةً، بل أكثر من ذلك، إن قوى هذا البديل تعاني من قصور متعدد الأوجه على المستوى الإيديولوجي والسياسي. فعلى الصعيد الفكري لم تجب معظم القوى على السؤال الرئيسي: ما الذي يحدد طبيعة المرحلة؟ أي طبيعة الواقع الراهن من الناحية الاقتصادية والطبقات الاجتماعية وأدوات التغيير.
فالحراك الشعبي ظل محصوراً في المطالب الثانوية، ولم تتحرر التحالفات من سقف العملية السياسية الفاسدة باعتراف حيتانها وإجماع الشعب العراقي، ناهيكم عن نتائج الانتخابات التي كرست هيمنة القوى الطبقية المعادية للكادحين.
صياغة للمهمة الوطنية
إن البرنامج الوطني التحرري الذي يتبنى إنجاز مهمات الثورة الوطنية الديمقراطية، المتمثلة في تطوير الوعي المجتمعي عبر نظام تعليمي حديث، ونشر الثقافة الوطنية المتحررة من دعاية الهويات الفرعية القطيعية وفصل الدين عن الدولة، وإعادة بناء البنية التحتية للصناعة والزراعة والخدمات، واستخدام موارد النفط وإيقاف هدر الغاز بما يضمن الاكتفاء الذاتي والقدرة على التصدير وحل مشكلة البطالة وتحقيق نظام ضمان اجتماعي عادل. وقبل كل ذلك ومن دونه لا يمكن تحقيق هذه الأهداف قطعاً، استكمال مهمة السيادة الوطنية بإلغاء اتفاق المصالح الاستراتيجي مع الإمبريالية الأمريكية العدو الأول لشعبنا العراقي.
أداة التغيير
إن أهم شرط لنشوء الكتلة الوطنية الديمقراطية التاريخية ونجاحها في إنجاز مهمات المرحلة الوطنية الديمقراطية هو الدور القيادي للطبقة العاملة العراقية. فهي بحكم موقعها كأكبر منتج، في اقتصاد يعتمد على استخراج وتصدير النفط، قادرة على قيادة الطبقات الشعبية ممثلة بالفلاحين والبرجوازية الصغيرة. ولكي تتمكن الطبقة العاملة من قيادة حركة التغيير الثوري في المجتمع، يستلزم ذلك لعب طليعتها السياسية ورأس حربتها في الكفاح الطبقي الوطني دوراً واعياً ومعرفياً لتحديد أهدافها التكتيكية والإستراتيجية وآلية خوض الصراع بما يحقق الانتصار.
جاء سقوط الأحلام/الأوهام التي روجت لها قيادة الحزب «الشيوعي» العراقي المتخادمة مع الاحتلال وأذنابه من القوى الطائفية الاثنية حول مسيرة الإصلاح المزعومة لتنهض ما تبقى من كادر وقواعد نظيفة ومخدوعة للانتقال إلى الضفة الثورية في خدمة النضال الثوري الحقيقي. وهنا بالضبط تتموضع القوى اليسارية العراقية كطليعة منظمة واعية للطبقات الكادحة، حيث تلعب لجنة العمل اليساري العراقي المشترك دوراً مفصلياً في عملية بناء الكتلة الوطنية الديمقراطية التاريخية ورسم الخطوط الرئيسية للبرنامج البديل عن خياري استمرار حكم النظام الفاسد أو محاولة إعادة إنتاج شكل من أشكال الدكتاتورية الساقطة بالاحتلال.
*منسق التيار اليساري الوطني العراقي