لبنان مستودع البارود في العالم
لا يُختزل العالم بدولة كما يختزله لبنان، خاصة إذا تلمسنا مجالات الصراع الدولي، فالبلد الذي يحوي أحد أهم حركات المقاومة الممتدة من حقبة حركات التحرر تحوي أيضاً وبكل وضوح أكثر عملاء الصهيونية والرجعية العربية والإمبريالية الأمريكية، فكيف يمكن للبنان أن لايكون قائما على مستودع لبارود!!.
المشكلة المطروحة للسجال الآن ليست إلا ملخصاً لصراع المشاريع في المنطقة بين محور المقاومة ومحور العمالة وهو في تمظهره الخاص في لبنان يرتدي قسراً العباءة المذهبية ، فهكذا فرض عليه الاستعمار القديم لا أهله كما يحلو للبعض أن يراه. فما يتجلى في العالم من صراعات إقليمية يتجلى دائما في الداخل اللبناني كصراع مذهبي طائفي، لكن الجديد اليوم هو البحث عن كيفية توظيف لبنان بصراعات إقليمية وحسابات سياسية في الداخل السوري وهو مايعني ربما مساهمة لبنان في أول صراع داخلي في بلد عربي وشاءت الأقدار أن يكون هذا البلد هو سورية، البلد الذي يتنفس لبنان منه كل هوائه والذي كان حتى الأمس يعتبر أقوى اللاعبين في الساحة السياسية اللبنانية . في هذا المكان وحده يمكن لمن كان رئيساً سابقاً للوزراء وزعيم أحد أكبر التيارات السياسية والنائب في البرلمان ووريث والده المحبوب ، أن يخاطب محبيه عبر تويتر والفيسبوك من قصره الفرنسي، كما يمكنه أيضاً وفي الوقت ذاته بذل الغالي والرخيص لجمع آلاف المسلحين تمهيداً لزجهم في الداخل السوري، كيف لا وقد كان سعد الحريري أحد قادة ثورة الأرز على الوجود السوري متناسياً الوجود الصهيوني في الجنوب الذي لا يبعد إلاعشرات الكيلو مترات عن قصره في بيروت. في ذات المكان و وفقاً للمتغيرات الإقليمية الجديدة يجري إعتقال ميشيل سماحة أحد أهم حلفاء النظام السوري بتهمة تبدو للوهلة الأولى هوليودية الطابع، وفي ذات المكان أيضا يستطيع شخص مثل وليد جنبلاط أن يتحدث في وقت واحد عن الحقوق الديمقراطية للشعب السوري و يستجدي الرحمة من آل سعود بعد أن قدم اعتذاراً على رؤوس الأشهاد للنظام السوري عن لحظات التخلي التي أصابته إبان ثورة الأرز. ربما لا أخطر على لبنان من قادته السياسين فباستثناء قادة المقاومة وبعض حلفائها من القوى الوطنية الحقيقية فلن نجد سوى حفنة من المرتزقة السياسين لا تعنيهم أحداث طرابلس الدامية الأخيرة إلا بمقدار ماتعني لبازارات الدم الطائفي في الرياض و واشنطن، في ذات الوقت يصعب على من كان قادراً على بسط السيطرة على بيروت في أيار 2009 أن يعيد الكرة، فيخرج آل مقداد بجناحهم المسلح ليعلنوا اختطافهم لمواطنين سوريين مقابل إبنهم المخطوف في سورية، وهو ما أشار إليه السيد حسن نصرالله في خطابه الأخيروقال « أن حزب الله لم يعد قادراً على السيطرة»، وهو مايضع لبنان في معادلة جديدة من التوازنات الداخلية تكافئ إلى حد بعيد الانفجار المرتقب الذي تحضر له واشنطن وتتأمل به نصراً ، فهل سيكون لبنان هذه المرة صاعق الإنفجار بعد أن كان مكاناً لتفريغ شحنات التوتر للمنطقة!