إشعال الصراع العالمي : استراتيجية التفوق العسكري اللا نووي
بحلول عام 2015، ستمتلك الولايات المتحدة ما بين 1500 – 1800 صاروخ أرض و جو (استباقيين) من طراز كروز وسيرتفع هذا العدد ليصل إلى 2000 – 2500 في عام 2020.
تطمح الولايات المتحدة اليوم لدمج نظام « الضربة الأولى PGS « الحديث مع المنظومات الفضائية التكنولوجية والمنظومات المضادة للصواريخ الخاصة بها لتشكّل نظاماً دفاعياً متكاملاً، مما سيجعل الأسلحة الاستراتيجية لباقي الدول – بما فيها الأسلحة النووية – غير ذات جدوى، الأمر الذي سيضع هذه الدول في ورطة كبيرة حيث ستفقد القدرة على القيام بهجوم نووي معاكس أو حتى شن ضربة استباقية.
القوة الروسية
من الممكن أن تقوم الولايات المتحدة بتخفيض نفقاتها الدفاعية نظراً للأزمة الاقتصادية التي تعيشها، ولكن من الخطأ الاعتقاد أن هذا التخفيض سيُضعف أو يؤثر سلباً على قوة الجيش الأمريكي.
حيث قامت أمريكا بزيادة المخصصات المالية لتمويل مشروع الضربة الاستباقية، هذه المنظومة التي يمكن من خلالها توجيه ضربة غير نووية محددة إلى أي هدف في العالم خلال ساعة واحدة.
هذا وقد أشارت وزارة الدفاع الروسية في تصريح لها أن الكميات التي تحتويها الترسانة الأمريكية من هذا السلاح ستستمر بالازدياد.
وعلى ذكر روسيا، فالبنسبة لها فإن قواتها البحرية والجوية لا تزال تملك القدرة على التعامل مع أي نوع من التهديدات، كما أن صواريخ ( توبول ) - والتي تشكّل سلاح الردع النووي الرئيسي لديها – والمشروع القائم حالياً لتطويرها، يمثلان حجر الأساس في خطة الدفاع الوطني الروسي.
وفوق كل هذا، فإن روسيا تمتلك نظاماً موثوقاً للحماية يضم صواريخ - متعددة المدى – مضادة للطائرات والهجمات الجوية بما فيها الهجمات بالأسلحة غير النووية العالية الدقة، ونظام قوة نارية ذا مستويات مختلفة ويشمل ( 400 m - C 400 C ) والصواريخ ودبابات ( ثور Thor ) المضادة للطائرات، وأنواعاً مختلفة من القاذفات الأخرى المضادة للطائرات و التي تستهدف الصواريخ الموجّهة عن بعد من نوع PGS.
العسكر الصيني قيد الإعداد
يعتقد بعض الخبراء أن التهديد الذي يمثّله الجيش الأمريكي للصين يفوق ذاك الذي يمثله لروسيا نظراً لتفوق نظام الأسلحة الاستراتيجية الروسي على نظيره الصيني من حيث التعداد وقابلية التنقل وقدرات الحماية. وفي الوقت الذي يركز فيه الخبراء العسكريون الصينيون على صناعة الصواريخ الدفاعية، يتجاهلون موضوع الاهتمام بالصواريخ الموجهة الدقيقة ذات المدى البعيد، الأمر الذي شكّل مفاجأة للكثير من المختصين في المجال العسكري الّذين يقولون إن الصين تواجه خياراً صعباً، فمن ناحية هي تواجه مشكلة في ضمان تمكنها من بناء نظام دفاعي فعّال، ومن ناحية أخرى وحتى لو تمكنت من بناء نظام مماثل فإن هذا الأمر سيؤدي لكشف محدودية قواعد الصواريخ الاستراتيجية السرية التابعة لها.
هل يوقف الروس أمريكا؟
خلال المحادثات التي جرت للحد من انتشار الأسلحة الاستراتيجية، عارضت روسيا «استخدام الولايات المتحدة لعربات نقل الأسلحة النووية لأغراض غير نووية» لسببين:
الأول أنه يسمح للولايات المتحدة بتوفير مبالغ هائلة من الأموال المخصصة لميزانية الدفاع.
الثاني أن أمريكا تستطيع من خلال هذه العملية أن تعزز و تطور نظام صواريخها بعيدة المدى PGS.
لذا، فمن المرجح جداً أن روسيا ستواصل تمسكّها بموقفها خلال المحادثات المقبلة، لكن واقع الأمور يبين أن روسيا بالكاد تستطيع إيقاف المخططات الأمريكية. وبغض النظر عن مطالبتها بفرض قيود على نشر نظام (الدرع الصاروخي) في أوروبا وبحثها عن دعم دول نووية أخرى لموقفها، فإن روسيا لا تمتلك العديد من أوراق المساومة لتجبر الولايات المتحدة على القبول بطلباتها.
هذا وقد باتت الدول الكبرى تدرك أن التطور الكبير الذي تشهده الصناعات العسكرية التكنولوجية يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالاستقرار الاستراتيجي في المجالين النووي واللا نووي خاصةً خلال عمليات التطوير ذات الطابع الاستراتيجي. إضافةً إلى أن الاعتماد الزائد على الطاقة النووية – ولاسيما في وقت الأزمات – يمكن أن يهدّد أمن البلاد القومي.
وبما أن الدول الأخرى تعاني عجزاً كبيراً في ما يخص الأسلحة الاستراتيجية التقليدية مقارنةً بالولايات المتحدة، فليس أمامها خيارٌ آخر سوى محاولة القيام بإجراءات مضادة مقابلة.
ونظراً لأن الاستقرار الاستراتيجي العالمي يقوم بشكل رئيسي على استقرار كل من أوروبا وشمال شرق آسيا، فعلى المجتمع الدولي أن يتصدى - هو والدول التي تنادي بعالم خالٍ من الأسلحة النووية - لعمليات تطوير الأسلحة الاستراتيجية التي باتت تُستخدم كبديل عن الأسلحة النووية لأن عواقب هذا الأمر على الأمن العالمي ستكون بالغة الخطورة. وفي هذا الإطار، يؤكد عدد من المختصين في الشؤون الأمريكية على الأهمية البالغة التي يعتريها موضوع الحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي العالمي.
هل يمكن حماية العالم من الأسلحة؟
في عام 1967، اقترح روبرت ماكنمارا، وزير الدفاع الأميركي في حينها، على الاتحاد السوفييتي أن يضع قيوداً على عمليات تطوير نظامه المضاد للصوارخ تجنباً لتصعيد التوتر الذي كان قائماً بينهما.
في البداية رفض الاتحاد السوفييتي هذا الاقتراح، لكنه في نهاية المطاف وافق على هذا الاقتراح لأنه أدرك أن الاستمرار في تطوير هذا النوع من الأنظمة العسكرية سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار في العالم. وهذا ما دفعه لتوقيع اتفاقية عام 1972 مع الولايات المتحدة والتي نصّت على الحد من الأنظمة المضادة للصواريخ البالستية.
وفي عام 1985، عندما بدأت الولايات المتحدة تجارب لاستخدام صواريخ لتدمير الأقمار الصناعية القريبة من مدار الأرض، نبّه العديد من العلماء ومن أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي أن السباق بين كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي في هذا المجال يعدّ أمراً بالغ الخطورة. علماً أن الاتحاد السوفييتي قد أوقف هذا النوع من التجارب منذ عام 1983 الأمر الذي اضطر الولايات المتحدة للقيام بالمثل.
إن الذين يقدّرون السلام وينادون به، يأملون أن يُدرج كل من موضوع المركبات الحاملة للرؤوس الحربية الموجهة بدقة ذات المدى البعيد، ونُظم الدفاع الصاروخي على جدول أعمال محادثات الحد من الأسلحة الاستراتيجية المقبلة.
• هو يومين: باحث بارز في الهيئة الصينية لضبط ونزع الأسلحة.