الانتخابات وفرضية الانقلاب: اليسار في قلب المعركة!

الانتخابات وفرضية الانقلاب: اليسار في قلب المعركة!

استقبل المواطن العراقي الحملة الانتخابية بسخريةِ كذبة نيسان. وكان ارتفاع منسوب القلق قد قلَّص حركة السوق الداخلية، ودفع المواطنين إلى تدبر أمورهم، تحسباً لما هو أسوأ، أي القلق المتولد على وقع التدهور الأمني المريع في ديالى وبابل، والغموض الذي يكتنف الوضع الميداني في الأنبار إثر نسف عددٍ من الجسور

علماً أن الأجهزة الأمنية في ديالى، التي تمتد لحدود محافظات صلاح الدين وكركوك, قد أعلنت أن حماية الجسور من التخريب تكتسب أهمية قصوى، خصوصاً وأن الجيش قد فشل في صدِّ الهجوم الذي شنه المئات من مقاتلي المجاميع المسلحة التابعة إلى «داعش» وأنصار السنة ومجموعة النقشبندية والمجاهدين وحماس العراق على نواحي «جلولاء والسعدية وقره تبة وجبارة»، التابعة لقضاء خانقين.
وتشير المعلومات الموثوقة إلى إن المجاميع المسلحة لم تقف عند القيام بأعمال الإرهاب المنظم، بل تجاوز ذلك إلى جمع الأموال، قسراً، من أصحاب المحلات ورجال الأعمال. وأخذ المواطنون في الهجرة من مناطقهم، بما يشبه كثيراً سيناريو الأحداث السورية.
وجاء إخفاق الكتل السياسية الحاكمة الفاسدة في إقرار ميزانية العام 2014، رغم انقضاء أربعة شهور من السنة المالية, وفشل الجهود المكوكية لحل الصراع المستحكم بين نوري المالكي ومسعود البارزاني بشأن النفط العراقي «المصدَّر- المهرَّب» من الإقليم، رغم أن وجود بايدن في زيارة سرية إلى اربيل، قد رجح الفرضية القائلة بإمكانية إلغاء انتخابات 30 نيسان 2014 وإعلان الأحكام العرفية.
ويأتي، في هذا الإطار، تقديم مشروع قانون «الدفاع عن السلامة الوطنية» المرسل من الحكومة إلى مجلس النواب, حيث يمنح رئيس مجلس الوزراء صلاحيات واسعة في إعلان حالة الطوارئ. كما تتوافر المعلومات الخاصة عن تشكيل قوات التدخل السريع، لحماية بغداد من أي اختراق عسكري مفاجئ, تأتمر بإمرة القائد العام للقوات المسلحة حصراً.
إن إقدام الكتل الثلاث الحاكمة على انتهاج دعاية شخصنة الصراع الشامل الدائر في البلاد, هو سياسة خداع وتضليل للمواطن المقهور والمضطهد, تضيِّق الخيارات أمامه وتحصرها في هدف منع المالكي من ولاية ثالثة، لمصلحة عادل عبد المهدي أو باقر الزبيدي من «التحالف الوطني» على سبيل المثال, أي شرعنة المحاصصة الطائفية الاثنية، عبر حصر مركز رئيس الوزراء بهذا التحالف, متجاهلة عن عمد المصالح الطبقية والوطنية للشعب العراقي، التي تفترض معركة انتخابية بين البرامج لا الأفراد.
وكتحصيل حاصل لهذا النهج، ستجيَّر الحملات الانتخابية التي تخوضها هذه الكتل الثلاث، في خدمة إعادة إنتاج نظام المحاصصة الفاسد، واستمرار تبعية العراق للامبريالية الأمريكية, وإن تغيرت الوجوه، وتبدلت المواقع في السلطات الثلاث. ولعلَّ أكثر ما يثير العجب والاستهجان, هو انخراط قوى وشخصيات وصحف تدعي العلمانية والشيوعية في مهرجان التسقيط السياسي الشخصي، وتنحاز لهذا أو ذاك من حيتان الفساد, لاهثة وراء سراب الديمقراطية المزعومة، في وقت تتعرض فيه البلاد لهجوم منظم بهدف تقسيم العراق.
وسرعان ما يزول العجب، ويبقى الاستهجان، حين نقرأ شهادة بريمير بهؤلاء: «وأثناء عملنا في توسيع مجلس الحكم في الأسبوع الأول من يوليو، طرح البريطانيون فكرة ضم شخص من الحزب الشيوعي العراقي، قلت لا يوجد لدي اعتراض طالما وجدنا شخصا يكون قد تخلى عن الأفكار الشيوعية حول كيفية إدارة الاقتصاد»!!.

صباح الموسوي* : منسق التيار اليساري الوطني العراقي