أعتى موجات العنف تضرب العراق
قالت بعثة الأمم المتحدة في العراق إن شهر نيسان 2013 من أكثر الشهور دموية في العراق منذ سنوات، وتشير الأرقام التي أوردتها البعثة إلى مقتل 712 شخصاً في الشهر الماضي بينهم 117 من أفراد قوات الأمن العراقية وهذا هو أعلى رقم لضحايا شهر واحد منذ حزيران 2008
إجهاض التغيير عبر العنف
بالدخول لعمق الأسباب المولدة للعنف نجد أن الغرب المحتل للعراق ترك للعراقيين دستوراً طائفياً يضمن تبعية العراق له، فالقوى المعتاشة على دستور كهذا لا تمتلك برنامجاً للتغيير الشامل وللنهوض بالعراقيين وتحقيق طموحاتهم وإن كل ما تنتجه هو سياسات الفقر والتهميش، وهو ما دفع الناس إلى الشوارع مؤخراً للمطالبة بحقوقهم. استغل الغرب عبر دول الخليج هكذا واقع، بغية تشكيل حواضن شعبية للمتشددين الذين يعملون لمصلحة مخدميهم ومموليهم من قوى الإمبريالية العالمية والرجعية العربية، حيث لاتعمل هذه القوى لأجل مشروع وحدة العراق وتغيير واقعه السياسي والاقتصادي، بل تقوم برفع درجة التوتير، ويُدخلون البلاد في العنف من جديد، في هذه الأثناء تفاقمت الأوضاع السياسية الداخلية في العراق مؤخراً، وتحولت الاحتجاجات في بعض المناطق إلى اشتباكات مسلحة بين المتظاهرين وقوات الأمن، وأدت إلى سقوط ضحايا وعلى هذه الخلفية شهدت البلاد سلسلة من العمليات الإرهابية، وزادت قائمة القتلى والجرحى.
خلط الأوراق والرفض الشعبي
كان اللافت للنظر ما أعلنته «دولة العراق الإسلامية» أحد فروع تنظيم «القاعدة» عن اتحادها مع جبهة النصرة السورية، في محاولة لخلط أوراق الأزمة السورية بالملف العراقي، ولاحقاً لتوتير الإقليم كاملاً عبر رفع منسوب العنف بالعراق لتفجير سورية من الخارج والسماح بتدويل الأزمة السورية والعراقية معاً، ووضع كل قضايا المنطقة على طاولة المفاوضات القادمة من أجل إعادة رسم الخريطة الجديدة للمنطقة.
لكن اللافت للنظر أن مجموعة من قوى المجتمع الأهلي والعشائر العراقية التي شاركت بمظاهرات في الأنبار والرمادي وصلاح الدين، رفضت العنف وحمل السلاح والاعتداء على قوات الجيش العراقي، وجرى اتفاق بينهم وبين السلطات العراقية على دخول الجيش لاعتقال متورطين في قتل الجنود العراقيين بحسب وكالات أنباء عراقية، مما يدل على وعي جماهيري جديد نشأ حالياً مستفيداً من دروس الأزمة السورية وساعياً لتجنيب البلاد خطورة تسليح الحراك الشعبي فيه.
وصلت العملية السياسية في العراق التي خلفها المحتل الأمريكي إلى طريق مسدود على مايبدو، فالنظام العراقي القائم على مقاس توازن القوى الدولي القديم بين القوى الدولية المحتلة والقوى المتحكمة في العراق قد تغير بحكم تغير موازين القوى العالمية، ولأن النظام الحالي استنفذ نفسه واستنفذ شعارات الحرية والديمقراطية الكاذبة التي جاء بها، والتي لم تجلب للعراقيين إلا العنف والطائفية، وحرمته حتى من لقمة العيش الكريمة رغم كل مايملكه العراق من خيرات..