الجبهة العمالية – الشعبية الوطنية في مصر.. (1-2)

الجبهة العمالية – الشعبية الوطنية في مصر.. (1-2)


لماذا الجبهة؟   

تمثل الجبهة احتياجاً ضرورياً في ظروف الوطن الراهنة، حيث الأخطار هائلة على الثورة وعلى الوطن. إذ تتحرش بها قوى محلية وإقليمية واستعمارية بهدف إجهاضها وسرقتها. وتقف في مقدمة هذه المخاطر ما يلي :

1- أنه رغم الدور الهائل للطبقة العاملة في الثورة وفي التمهيد لها، إلا أن النخبة السياسية وأحزابها وقواها القديمة والجديدة بكل اتجاهاتها تعمدت تهميش وإقصاء طبقتنا العاملة، وتناسي وإسقاط كافة حقوقها المشروعة. أي تعمدت الانحياز المطلق للطبقة الرأسمالية النهابة التابعة المهيمنة التي مثلت وتمثل النظام القديم مهما كانت ادعاءاتها أو أرديتها

وفي سياق إقصاء الطبقة العاملة عن المشهد الثوري خلافاً للواقع. فقد قفزت كل القوى المضادة للثورة ولجوهرها المتمثل في التغيير الجذري للواقع على كل الأصعدة: الوطنية، الاقتصادية– الاجتماعية، الديمقراطية. قفزت هذه القوى المضادة لإجهاض الثورة وقتلها في مهدها

2- إن تمويلاً أجنبياً بدأ في التدفق منذ سنوات تحت غطاء حقوق الإنسان والمجتمع المدني. امتد إلى عناصر عمالية. حيث يمثل اختراقاً مدمراً غاية في الخطورة، ويستخدم لإفساد عناصر عمالية وتوظيفها لتقويض وتفتيت الطبقة العاملة وتنظيمها النقابي بدلاً من النضال من أجل استقلاليته ووحدته وديمقراطيته، وبدلاً من تعزيز دور الطبقة العاملة في بناء الوطن وتقدمه. وقد توسع تدفق الأموال بعد الثورة إلى حدود هائلة وامتد لدوائر في غاية الاتساع، حيث تستخدمه القوى الاستعمارية الغربية وقوى إقليمية معادية بهدف تخريب الثورة والوطن ذاته، وللدفع باتجاه التطبيع مع العدو الصهيوني الذي رفضته وترفضه الطبقة العاملة.

3- على نفس الطريق تدفع قوى عديدة باتجاه إلغاء الدولة المدنية، بديلاً عن تعميق المساواة بين المواطنين الذي يعتبر أحد أهداف الثورة.

4- استناداً إلى ما سبق فإن غالبية النخبة السياسية تسعى إلى إخراج الجيش من المعادلة السياسية في البلاد، رغم أن القوات المسلحة المصرية تمثل العمود الفقري للدولة، وهي المؤسسة الوحيدة السليمة والصلبة التي تحافظ على بقاء الكيان الوطني المصري، إن هذا الموقف لا يتجاهل فحسب الدور الوطني التاريخي للجيش المصري، ولكن هؤلاء ينكرون دوره في حماية الثورة وإنقاذها وحماية الثوار من بطش النظام القديم وخلع رئيسه. إن إقصاء القوات المسلحة المصرية (..) يعنى في الواقع تدمير الوطن ووحدته، وتمرير المشروعات الاستعمارية والصهيونية المعادية لمصر وشعبها وطبقتها العاملة وكل كادحيها.

لهذه الأسباب وغيرها تتأسس الجبهة تأكيداً وتطبيقاً لدور الطبقة العاملة الحاسم. وفي استقلال كامل لها عن كل الأحزاب والقوى السياسية.

مقدمة:

لمدة تزيد على مائة عام، كان دور الطبقة العاملة المصرية في صدارة النضال الوطني والطبقي والديمقراطي. كان دورها مع الفلاحين والمثقفين والطلاب كبيراً وحاسماً في ثورة 1919، إذ شكلوا معاً قوة الفعل الثوري.

لكن هذا الدور تم اغتياله من قبل طبقة كبار الملاك والرأسماليين المصريين والأجانب، ومن ورائهم الاحتلال البريطاني.

ولم يخمد دور الطبقة العاملة، ولم تتوقف تضحياتها. إذ بلغ الذروة عام 1946 متجسداً في اللجنة الوطنية للعمال والطلبة رغم ما وجه إليها من قمع شديد. كما لم يتوقف نضالها من أجل إقامة تنظيمها النقابي المستقل. وكانت نضالاتها وتضحياتها أحد العوامل الهامة الممهدة لثورة 23 يوليو 1952.

عقب ثورة يوليو مباشرة كانت الطبقة العاملة ومعها الفلاحون هي القاعدة الاجتماعية الصلبة للثورة وانجازاتها. وكان دورها طليعياً في كل المعارك الوطنية من أجل جلاء المحتل البريطاني ثم معارك التنمية والبناء.

يشهد التاريخ المصري بدورها عقب تأميم قناة السويس، وأثناء العدوان الثلاثي عام 1956 ثم في خطة التنمية الخمسية الأولى، وفي بناء السد العالي، وملحمة التأميمات عام 1961 ثم عام 1964. وفي ظروف حرب 1967 وحرب الاستنزاف. وصولاً إلى حرب أكتوبر 1973. وطوال هذه الملاحم كانت الطبقة العاملة هي الكتيبة المتقدمة في البناء الاقتصادي والتنمية الشاملة المستقلة. وكان ذلك مصحوباً ومرافقاً لمكتسبات اجتماعية واسعة لها ولكل الكادحين كما كان من أهم هذه المكتسبات حصولها على تنظيمها النقابي.

أواخر أكتوبر 2011

الجبهة العمالية – الشعبية الوطنية

• (يتبع..)