نمو عالمي ضعيف وتوقعات قاتمة
قالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إن مستقبل الاقتصاد العالمي يبدو حالياً أكثر قتامة مما كان يتوقع في بداية الخريف الحالي.
واستشهدت بأن أزمة اليورو تتفاقم لتنخر اقتصاد كل من إيطاليا وإسبانيا وتدق أبواب فرنسا، بينما تعاني اقتصادات الدول الصناعية الأخرى من الضعف وتتداعى لها الاقتصادات الناشئة.
كما أعادت إلى الأذهان تصريحات مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد التي كررت تحذيراتها في أيلول الماضي بالقول إن الاقتصاد العالمي دخل «مرحلة خطيرة».
أما في الشهر الجاري فقد صدقت نبوءتها، وأشارت إلى أن تلك المخاوف بدأت تتحقق وأن تقديرات النمو الاقتصادي أصبحت أقل.
كما تسللت المخاوف إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مما دفع كبير اقتصادييها بيير كارمو بادوان إلى القول «إننا نشعر بالقلق إذ إن السياسيين لا يستطيعون رؤية ضرورة التعامل مع الأخطار الحقيقية والمتفاقمة للاقتصاد العالمي».
وقال جان هاتزيوس كبير اقتصاديي بنك غولدمان ساكس إن النمو الاقتصادي في كثير من الدول الصناعية ستكبحه زيادة الضرائب والسعي لتسديد ديون الشركات والأسر. وأضاف «إن هذا سيكبح النمو لمدة عامين في الاقتصادات المتقدمة حتى عام 2013».
وبرغم التوقعات المتشائمة يعتقد معظم الاقتصاديين أن الاقتصاد العالمي سينمو بنحو 3% في 2012 من 4% في 2011 بينما تظل الاقتصادات الناشئة تقود عملية النمو هذه.
ويتوقع هؤلاء أن منطقة اليورو التي تضربها الأزمة سوف تعاني من انكماش اقتصادها في بداية العام القادم بينما تعاني اقتصادات الدول المحيطة بها مثل بريطانيا من الركود. وسينعكس ذلك على وضع الديون السيادية واستثمارات البنوك مما سيخلق حلقة مفرغة مشابهة لما حدث عام 2008 مع احتمال انهيار اليورو.
لكن البعض يعتقد أن اليورو سيتجاوز الأزمة، ليس لأن السياسيين استطاعوا حل المشكلات العالقة ولكن لتحولها-كما يقول بعض الخبراء الغربيين الليبراليين- من أزمة حادة إلى مستعصية.
أما بالنسبة للاقتصاد الأميركي فإن معظم الاقتصاديين يتوقعون انتعاشاً اقتصادياً متواضعاً لا يستطيع أن يشد سوق العمل بقوة أو أن يحسن معدل البطالة بصورة ملحوظة في العامين القادمين.
وفي الجانب الآخر من العالم يقول جيرارد ليونز- من بنك ستاندرد تشارترد- إنه في الوقت الذي تبدو فيه أساسيات الاقتصاد ضعيفة والثقة في الاقتصاد مزعزعة في النصف الغربي من الكرة الأرضية نجد أن الأساسيات أقوى في الاقتصادات الناشئة والثقة أقوى وأكثر مرونة.
لكن بعض المشكلات لا تزال تلاحق أيضاً مثل هذه الاقتصادات، حيث يقول كبير اقتصاديي مؤسسة نوميورا اليابانية العالمية بول شيرد إنه بالنسبة للصين التي مثلت أكثر من 40% من نمو الاقتصاد العالمي في 2011 فإن هناك مخاطر من عودة اقتصادها للاستقرار وتحوله من اقتصاد متسارع إلى مستقر دون حدوثمشكلات.
وفي الاقتصادات الناشئة الأخرى تستمر معدلات النمو البطيء. ويبطئ هذا النمو في أميركا اللاتينية بصورة كبيرة بينما تجد أفريقيا نفسها معرضة بصورة كبيرة لآثار هبوط الاقتصاد العالمي.
وحسب فايننشال تايمز فإنه مع بقاء الدول المتقدمة في العالم غير قادرة على انتشال اقتصاداتها من براثن الأزمة المالية العالمية التي حدثت في 2008 و2009 فإن هناك شكوكاً في قدرة الدول الناشئة على دفع اقتصاداتها بذاتها.
وتعترف الصحيفة دون الإشارة إلى أن ما تصفه بالأزمة المالية إنما هو أزمة بنيوية رأسمالية عميقة وتكاد تكون نهائية أنه بعد الانتعاش العالمي الذي حدث في العام الماضي كان وضع الاقتصاد العالمي هذا العام مخيبا للآمال بصورة كبيرة.