تعديل المبادرة وتعديل الأدوار
حاول أمين عام «جامعة الدول العربية» نبيل العربي «النأي بنفسه» وجامعته عن جريمة «تعديل» ما يسمى بمبادرة السلام العربية، عبر إعلان القبول بمبدأ «تبادل الأراضي»، زاعماً أن الجامعة لم تقدم تصوراً يتعلق بتعديل المبادرة
ليس واضحاً سبب تراجع العربي. فهو بالتأكيد ليس من النوع الذي يمكن أن يكون قد أصغى لرفض الشعب الفلسطيني، هذا التنازل المجاني. وبالتأكيد فإنه لا يشعر بالخزي، جراء استخفاف حكومة نتنياهو بالتعديلات العربية، واعتبارها بلا قيمة، مطالبة بالمزيد. وعليه ربما يكون النأي عن المقترح الذي قدمه حمد بن جاسم، باسم الجامعة والتنصل منه، تمهيداً لما هو أسوأ من التنازلات، خصوصاً مع تزايد الكلام عن توجه أمريكي لإطلاق مفاوضات بين السلطة وحكومة الاحتلال. وحاجة واشنطن إلى غطاء عربي للتنازلات المطلوبة، سواء لجهة بدء عملية التفاوض دون وقف، أو حتى تجميد الاستيطان، أم لجهة المآل المتوقع لتلك العملية، والنتائج التي ستسفر عنها.
عموماً، وكما كان متوقعاً فقد تعاملت حكومة الاحتلال باستخفاف شديد مع التقديمات المجانية من قطر، والجامعة ووفدها الوزاري. وهي طرحت من جانبها تصورات تحدد مسبقاً نتائج التفاوض الذي تسعى الولايات المتحدة لإطلاقه. ومن ذلك استمرار السيطرة على منطقة غور الأردن من الجانب الفلسطيني، لمدة أربعين عاماً. وإعطاء صفة مناطق مؤجرة للأغوار، في استعادة لما كان جرى إمراره في اتفاقية وادي عربة بشأن أراض أردنية جرى تأجيرها.
السلطة تقول إن هذا اقتراح مرفوض. استئجار أراضي منطقة الغور، يزيد من حالة الشكل المسخ الذي ستبدو عليه الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية. من شأن هذا الأمر أن يحدث تطويقاً كاملاً «للدولة» من جهة الأردن. ويبقيها في حصار محكم، وتحت سيطرة دولة الاحتلال بالكامل.لا يمكن التعويل كثيراً على رفض السلطة التي عودتنا على «التكيف» مع الشروط التي تطرح عليها من أجل معاودة المفاوضات. وربما يتم إدخال منطقة الغور في صفقة تبادل الأراضي، لخدمة هدف احتلالي قديم باستمرار السيطرة على هذه المنطقة الحيوية وذات المكانة المركزية في المخططات الصهيونية.
ووفق ما يتم تداوله في العديد من وسائل الإعلام، تعد واشنطن لرشوة اقتصادية، يكون هدفها تعويض الفشل السياسي المتوقع. وإظهار «آثار محسوسة» للعملية السياسية تنعكس في الحياة اليومية للفلسطينيين في الضفة والقطاع أيضاً.
مصادر إعلامية تشير إلى نشاط فريق من 25 خبيراً ومختصاً من مختلف أنحاء العالم يعكف على وضع خطة استثمارية محددة للضفة الغربية وقطاع غزة، بقيمة مليارات الدولارات يستغرق تنفيذها نحو 3 سنوات. كلمة السر بالنسبة لهذه الخطة هي إطلاق مسار سياسي ناجح بين الفلسطينيين و«الإسرائيليين»، ولذلك فإن الفريق ينظر إلى الخطة على أنها مكون في الإطار، الذي يعمل وزير الخارجية الأميركي جون كيري على طرحه في مطلع شهر حزيران المقبل والذي من المرتقب أن يركز أساساً على المسار السياسي مع مسارين اقتصادي وأمني داعمين. وتنقل المصادر الإعلامية عن مصادر فلسطينية مسؤولة تحذيرها من الإفراط في الحديث عن الجانب الاقتصادي في ظل غياب أي مؤشرات على استعداد «إسرائيل» لتوفير متطلبات استئناف مفاوضات السلام. وقالت هذه المصادر: إن البعض قد يلجأ لتعظيم الأفق الاقتصادي للتغطية على إخفاق محتمل في توفير أفق سياسي.
الخطة التي يجري إعدادها في إطار مكتب المبعوث الخاص للجنة الرباعية، تشمل رزمة مشاريع ومبادرات وإجراءات تستقطب رجال أعمال من كل أنحاء العالم بالشراكة مع رجال أعمال محليين، حسب من يقومون بالإعداد. ويدور الحديث عن مشاريع محددة في جميع القطاعات الإنتاجية والاقتصادية: الزراعة، السياحة، الاتصالات، تكنولوجيا المعلومات، الإسكان وغيرها من القطاعات. ويقوم الفريق بتحليل الأفكار الاستثمارية وفرصها للتطبيق وانعكاساتها لتحقيق الازدهار في الاقتصاد الفلسطيني ومن ثم وضعها في رزمة مشاريع يؤمل أن تستقطب رؤوس الأموال للتنفيذ وبالتالي خلق فرص العمل.
إذا صحت هذه المعلومات، فربما يظهر هنا الدور المطلوب من الجامعة. وخصوصاً دولها الغنية: تقديم الرشوة المطلوبة، وتظهير العملية السياسية كمشروع ناجح. هؤلاء يحسنون البيع والشراء. ولكنهم يفشلون دوماً.المؤامرة الجديدة على فلسطين مصيرها الفشل أيضاً.