لبنان، هل سيعيد التجربة المرّة؟
اليوم يحاول شبح الحرب الأهلية أن ينهض من سباته ليطيح بلبنان من جديد. والسؤال الذي يطرح نفسه لمصلحة من؟ ولماذا الآن؟
منذ أيام والتوتر يسود لبنان حيث بدأ الأمر بسقوط قتلى في الإشتباكات التي حدثت في منطقة جبل محسن ومنطقة باب التبانة في طرابلس شمال لبنان ثم تعداه لمقتل الشيخ أحمد عبد الواحد ورفيقه محمد حسين مرعب واتهام الجيش اللبناني بذلك وصولا إلى هجوم عكار.
بالبحث عن أسباب التصعيد الذي يحدث اليوم في لبنان وعلاقته مباشرة بما يحدث في سورية أولاً والمنطقة ثانيا وبشكل أساسي علاقته بوجود إسرائيل ثالثا ،لا يخفى عن أحد أن لبنان في جنوبه المقاوم وتشكيلته السياسية والاجتماعية التاريخية بما فيها من عوامل قابلة للانفجار أصبحت على جدول أعمال الاستهداف الأمريكي الإسرائيلي، وهو الذي كان دائماً الخاصرة الرخوة أصلاً لتسويق مشاريع التفتيت والتقسيم على أساس تشكيلات ما قبل الدولة الوطنية وإذا كان المشروع المقاوم قد حال دون ذلك إلا أن غياب البرنامج الوطني الديمقراطي المتكامل أبقى الوضع اللبناني هشاً دائما وعانى من جراء ويلات الحرب الأهلية والتقسيم إلى ان تغيرت بعض موازين القوى وتراجع الدور الأمريكي ونهضت قوى ثورية وطنية مقاومة شكلت وعياً سياسياً جديداً في فضائه أنهى حالة الصدام والمواجهات المسلحة في الشارع اللبناني وبدّل في التشكيلة السياسية والعسكرية آنذاك وكانت مرحلة ما بعد حرب تموز2006حيث فشل فيها جزئيا وبشكل مؤقت مشروع الغرب في تفتيت لبنان كجزء من مشروعها الاكبر في تفتيت المنطقة ليصل إلى الإعتماد على عملائها الداخليين في منع تشكيل حكومة وطنية موحدة تضع لبنان على الخارطة السياسية بشكل جديد، فأصبح لبنان منذ ذلك يعيش حالة تقسيم سياسي مناطقي يبدو في ظاهره مستقرا لكن الواقع كان غير ذلك فصراع خفي قادته القوى الإمبريالية العالمية عبر اختراق الداخل اللبناني تطفو معالمه الآن على السطح ،حاولت الأطياف الوطنية جاهدة مقاومته فمنذ بداية الأزمة في سورية عملت بعض القوى جاهدة على جر لبنان إلى أرض المعركة إن صح التعبير، بشتى الوسائل كاتهام حزب الله بدعم النظام في سورية عسكرياً في قمعها للحراك في سورية وما إلى ذلك من مهاترات إعلامية وتصريحات سياسية لتعميق الانقسام على أساس فريقين احدهما مناصر للنظام السوري المستبد، والآخر فريق ديمقراطي يقف إلى جانب الشعب السوري وفي هذه الأثناء كان العمل على تجهيز لبنان من الداخل يكاد ينتهي.إذ من غير الممكن أن يكون السلاح الذي استخدم في اشتباك باب التبانة وجبل محسن قد جمع فجأة وخاصة وأن التقارير أفادت أن اغلب السلاح المستخدم كان من الأنواع المتوسطة ( ب ك س وآرب ج) كما أن المنطقة التي أشتعلت فيها الأحداث مثيرة للجدل وقابلة للتفجير الطائفي، ولا يخفى الطابع الإسلاموي الّذي صبغت فيه منطقة الشمال وارتباطها بالسعودية والخليج من خلال زعمائها "الحريري نموذجا"
حيث نشهد محاولة صريحة لتشويه سمعة الجيش اللبناني ومحاولة جره إلى حالة من التقسيم لتشكيل ميليشيا جديدة مشرعنة وضرب مشروع ضبط الحدود التي تعهدت به لبنان لسورية بوصفها إحدى دول الجوار لمنع تجار السلاح ومن ورائهم من استغلال الحالة لمصالحهم بالإضافة لخطف 12من اللبنانيين في سورية
لبنان الدي أطل من ضاحيته الأمين العام لحزب الله ليرد على التهديدات الإسرائيلية بالتهديد يعيش الآن محاولة اغتيال جديدة وقد رأى محللون أن أحد الأسباب هو محاولة تصدير الأزمة السورية إليه بعد أن استعصت، أصبح من الصعب اتخاد قرار دولي موحد تجاهها وبناء عليه يمكن القول إنه باستمرار فشل المشاريع التفتيتية للولايات المتحدة وحليفاتها ستجري محاولات أخرى لاثارة الفتن في دول جديدة في المنطقة على أرضيات دينية وطائفية عميلة.
إلا أنه بالعودة إلى مرحلة سابقة في تاريخ لبنان القريب نجد أن الشعب اللبناني قد عاش تجربة الحرب الأهلية قبل غيره من شعوب المنطقة وهّذا يترك في الوعي الجماهيري مساحة للتفكير واتخاد القرار في جعل لبنان ليس الخاصرة الرخوة بل الخاصرة الصلبة لشرق أوسط جديد مقاوم وديمقراطي.