فشل الطبقة السياسية العراقية

فشل الطبقة السياسية العراقية

انتقلت القوى الطبقية الحاكمة في العراق من مرحلة الصراع الخفي إلى الصراع المكشوف على الإمساك بزمام السلطة من كتلة نوري المالكي من جهة، والدفع باتجاه تنفيذ المخطط الفيدرالي التقسيمي من الكتلة الكردستانية في الجهة الأخرى. الصراع الذي تجاوز العديد من الخطوط الحمر، حداً وصل فيه إلى اختراق حالة التخندق الطائفي والاثني للكتل السياسية العراقية.

حيث نشهد نواتات غير معلنة لتحالفات جديدة تنسف الحالة الراهنة للكتل السياسية الثلاث الكبرى المتحاصصة طائفياً وأثنيا < التحالف الوطني – العراقية – التحالف الكردستاني،قد تفضي في خاتمة المطاف إلى ولادة كتلة عراقية وطنية عابرة للتخندق الطائفي الاثني المهيمن منذ سنوات على المشهد السياسي العراقي، وقد يفتح الطريق واسعاً أمام القوى اليسارية والديمقراطية المعارضة لنظام المحاصصة الطائفية الاثنية الفاسد للانخراط في عملية سياسية وطنية بشروط جديدة تتجاوز العملية السياسية المأزومة المبنية على قاعدة مجلس الحكم والتي أرساها بريمير عملياً واشرف على تنفيذها نغروبنتي.

كما يأتي الدور الايراني – التركي المتصارع على وقع الأزمة الوطنية السورية العميقة وتداعياتها على المنطقة برمتها، ليصب باتجاه التسريع في حسم الصراع الدائر بين هذه الكتل السياسية العراقية، وليبس من المستبعد أن نشهد تنقلات دراماتيكية بين صفوف الكتل الثلاث بما فيها امكانية بروز تحالف بين نوري المالكي وجلال الطالباني وصالح المطلك، ولعل الاستنتاج الأول من كل ذلك هو التأكيد على فشل العملية السياسية التي جاء بها الاحتلال، وعجز تلك القوى التي اعتمد عليها عن التعبير عن مصالح الشعب العراقي، فبعد أن كانت شريكة في إيصال بلاد الرافدين إلى مأزق تاريخي متجسد بالاحتلال العسكري المباشر بكل تداعياته ونتائجه المعلنة وغير المعلنة ها هي تتحارب فيما بينها لتصل إلى طريق مسدود في اطار الحرب على الغنائم بعد أن نهب الاحتلال ما نهب، ليكون ذلك إيذانا باستنفاذ دورها التاريخي، واستمرارها ما هو إلا نتاج حالة العطالة نتيجة غياب قوى وطنية عراقية فاعلة وقادرة على الإمساك بزمام المبادرة التاريخية، وتطهير بلاد الرافدين قولا وفعلا من الاحتلال وأعوانه وتابعيه.

إن الظرف التاريخي الدولي والاقليمي وتراجع الدور الأمريكي، وتبلور قطب الشعوب الذي يعبر عن نفسه بأشكال مختلفة، كما أن مبادرات القوى الوطنية واليسارية العراقية في الداخل تؤكد بداية تبلور ذلك التيار الجديد القادر على بناء عراق ديمقراطي ومستقل ينعم فيه كل أبناء الشعب العراقي بحقوقهم بغض النظر عن الدين والطائفة والقومية.