اليمن: «مرآة الخليج العربي» في طور التقسيم
أعلن الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، الاثنين 10/2/2014، اليمن دولة اتحادية مكونة من ستة أقاليم، أربعة في الشمال واثنان في الجنوب. وحسمت لجنة يرأسها الرئيس هادي (والتي كانت قد كُلِّفت بتحديد عدد الأقاليم التي تتكون منها الدولة الاتحادية الجديدة) مسألة عدد الأقاليم والتي وافق عليها أعضاء اللجنة بالإجماع..
أمر واقع أم ترسيم مرحلي؟
لا يخرج الحدث اليمني، بكلّ تداعياته المرحلية، عن المشهد الإقليمي المتحول. وإن كانت التغييرات الكبرى تبدو واضحة على كامل الإقليم، فإنها تبدو أكثر حدة في الدول ضعيفة المركزية، نتيجة الغياب الموضوعي لمقومات هذه المركزية. في ظلِّ غياب جيشٍ قوي، قادر على حماية الحدود، المنفلتة منذ زمنٍ ليس بالقصير، من جهة، ومنع نشوب نزاعات داخلية وأهلية، من جهةٍ أخرى. وغياب الأحزاب السياسية الجامعة التي تعتبر أساس الدولة المدنية، ما يعزز ظاهرة الأقلمة، بما تحمله من التحاقٍ سلبي، يتأثر ولا يؤثر بشدة بالمتغيرات الإقليمية، وتكريس الهويات الفرعية، القبلية منها والمذهبية، إضافة إلى سطوة القوى التقليدية على الجهاز الإداري للدولة.
وبناءً على ذلك، فإن التركيبة الهشة للدولة اليمنية فسح المجال أمام قرار التقسيم ليبصر النور، و إن كان على الورق. حيث يبدو تطبيقه ليس بالأمر السهل، بحكم التعقيدات السياسية والاقتصادية ـــ الاجتماعية والجغرافية الخاصة باليمن، ليعكس التحولات الراهنة إقليمياً في خصوصية الظرف اليمني، كتوصيف مرحلي بانتظار القادم من تحولات..
انقسام داخلي على الاتحاد
في ظلِّ صعوبة تثبيت دولة مركزية، وظهور قرار التقسيم كبديل، وإن كان مرحلياً، لا يبدو القرار محطَّ إجماعٍ. ولاسيما بعد رفض أطراف سياسية أساسية للقرار علناً، ما ينذر بمزيد من التوترات السياسية والأمنية، التي بدأت تظهر، بقوة، مؤخراً عبر التفجيرات والهجوم على المراكز الحكومية.
وتبدي الأطراف السياسية في الجنوب (الحوثيين و الاشتراكيين) معارضة لقرار التقسيم الصادر مؤخراً، علماً أن التنظيمات آنفة الذكر، هي تنظيمات ذات نفس انفصالي معلن، حيث يسعى الجنوبيون إلى الانفصال عن الدولة، والعودة إلى دولة ما قبل الوحدة، في مارس 1990. كما يرى معارضو القرار بأن الدولة ضعيفة البنية السياسية والاقتصادية، ومليئة بالحروب الصغيرة، ما يثير مخاوف تفكيك البلاد وانهيارها. ومن جهة أخرى، فإن توزع الثروات في اليمن، وتحديداً النفطية منها، يختلف بين الأقاليم ما سيعزز، في حال تطبيق القرار، إمكانية نشوب نزاعات مسلحة داخلية على مناطق الثروات...
يبدو حال اليمن، كسائر المنطقة، مؤهلاً لتغيّراتٍ عاصفة تعبِّر عن الإشكاليات المتراكمة في العقود الأخيرة دون حل. ومن هنا، يبقى حل الأزمة المستعصية في اليمن مرهوناً باجتياز منعطف تحديد الوجهة المستقبلية، برنامجياً، للتيارات السياسية في اليمن والإقليم. وتحديداً فيما يخص المشكلات الاقتصادية ــــ الاجتماعية المتراكمة، من جهة، واللاعدالة في توزيع الثروة، من جهة أخرى.