قنبلة «دافوس 2014»: الـ 1% الأغنى في العالم.. تصبح أكثر ثراءً!
في الأشهر الماضية، تقريباً منذ منتصف العام الماضي، كان دليلنا على حجم «اللاعدالة» في توزيع الثروة العالمية، هو رقم اقتصادي يقول إن أول أغنى «1000» شخص في العالم يملكون من الثروة ما يملكه الـ 4 مليارات الأفقر من سكّان العالم.. اليوم تطالعنا وكالة «أوكسفام Oxfam» الخيرية بتقرير يخبرنا أن الأرقام الاقتصادية تقول اليوم: أول أغنى «85» شخصاً في العالم يمتلكون من الثروة ما يمتلكه أفقر «3 مليارات ونصف المليار» من سكّان العالم!w
هذا التقرير جاء، كما كل عام، عشية انعقاد مؤتمر «منتدى الاقتصاد العالمي»، أو «مؤتمر دافوس» لأغنياء العالم، والذي يبدأ الأربعاء جلسات دورته الـ44. في هذا المؤتمر يلتقي أغنى أغنياء العالم، ليتناقشوا ويتباحثوا في هموم ومشاكل العالم الاقتصادية، من وجهة نظرهم طبعاً!
النسب المشؤومة.. والأغنياء يغتنون أكثر
شعار هذه الدورة، للمصادفة، هو «حل مشكلة اللاعدالة في التوزيع». لماذا يفكِّر الأغنياء في سوء توزيع الثروة؟ ربما لأن أرقام حساباتهم تنذرهم بالخطر.
فبالإضافة للرقم الجديد عن ثروة أول أغنى (85)، والتي تعني عملياً أن تمركز رأس المال تصاعد، خلال حوالي العام، ما يزيد عن الـ11 ضعفاً، لكن تقول الأرقام أيضاً إن أغنى 1% من سكَّان العالم يملكون 46% من ثروات العالم، وثروة أغنى 300 شخص تزايدت بمقدار «524 مليار دولار»، خلال عام 2013 فقط!، مع العلم أن وسطي ما يحصل عليه العامل الأمريكي، وبنسبة أكثر قليلاً العامل الأوربي، هو حوالي 55 ألف دولار خلال عام كامل!
والمجتمعون في «دافوس»، القلقون حول مشكلة توزيع الثروة، يعلمون جيداً أن أرقام حساباتهم قابلتها أرقام بطالة وفقر ووفيات، فخلال نهاية عام 2013، ازداد عدد العاطلين عن العمل في العالم بمقدار 5 ملايين شخص، ليصبح العدد 202 مليون عاطل عن العمل في العالم، وتبلغ معدلات الفقر معدلات جنونية، يصبح وفقها أكثر من مليار شخص يعيشون بأقل من دولار واحد يومياً، وأكثر من 3 مليارات شخص يعيشون بأقل من 2دولار ونص الدولار يومياً..
«هموم» أغنياء العالم
في استبيانات وزعِّت على حضور «دافوس 2014»، ظهر أن غالبية الحضور، وهم عملياً من مدراء البنوك والمجمعات الصناعية ورؤساء الوزراء والمحللين الاقتصاديين، يرى في كثرة القوانين والتشريعات التي تنظم العملية الاقتصادية سبباً في غالبية المشاكل الاقتصادية العالمية، فهم يرون أن كثرة تلك التشريعات و«قسوتها» تجعل من الصعب على الشركات الاحتفاظ بعامليها، فـ«تضطر» لتسريحهم، مما يخلق مشكلة البطالة!
في هذا المؤتمر يوجد عناوين أساسية للنقاش أيضاً تتعلق بـ«ضرورة إعادة الهيكلة»، إعادة تقييم الاستثمار بالتعليم العالي، من وجهة نظر هل هو ضروري أم أنه هدر لرأس المال، كون التكنولوجيا تقدمت إلى مستويات عالية، لا تحتاج معها استثماراً كبيراً في البحث، أيضاً سيبحث المؤتمر في مشكلة الهجرة إلى الدول الغنيّة، على اعتبار أن جزءاً من هذه الهجرة مرحب به، لأنه يؤمِّن عمالة رخيصة وماهرة، لكنه، من جهة أخرى، يضاعف المشاكل الاقتصادية ـــــــ الاجتماعية وبالتالي «يُجبر رأس المال على دفع ضرائب أكبر، وتحمل مسؤولية من ينتجون سلعة».
أمام مجمل ما يعانيه النظام العالمي من أزمات اقتصادية جوهرية حادة، تظهر كل تلك الأرقام درجة تمركز رأس المال الشديدة، وما ينتج عنها من توزيع أشد ظلماً للثروة، واليوم يعلن العديد من المحللين الاقتصاديين تخوفهم من هذه العملية، ليس حباً بالفقراء والكادحين، بل لشدة كرههم لهم، حيث يقول «مارتين وولف»، المحلل الاقتصادي العدائي بشدة للطبقة العاملة: «يجب عدم السماح للفئات الشعبية بالانفجار وابتلاعنا، علينا إيجاد حل لتوزيع الثروة، لا تنسوا أن ثرواتنا هي من بلدان فيها مواطنون وحكومات، ولا يمكننا العيش على القمر، ليس هناك ما نبيعه على القمر!».