لبنان : بين التفجيرات والحكومة والمحكمة
استمرت موجة العنف في لبنان خلال الأسبوع الفائت، حيث جاء تفجير السيارة المفخخة في منطقة الهرمل، والذي أودى بحياة 4 أشخاص، ليكمل رسم صورة العنف في عموم لبنان. وفي السياق ذاته، جاء استحضار المحكمة الدولية، ليؤكد على الرغبة في استثمارها من جديد
وكان الحدث الأبرز، هو عودة الاحتدام في قضية تأليف الحكومة اللبنانية، التي لم تشهد النور، منذ أن كلف الرئيس تمام سلام بتشكيلها. إذ تبرز سيناريوهات عدة لتشكيل الحكومة الجديدة، السيناريو الأول هو أن تقوم قوى الرابع عشر من آذار بتشكيل حكومة «الأمر واقع»، والتي تعني استبعاد ممثلي «حزب الله» عنها، حيث سيكون الهدف من سيناريو كهذا هو استدراج «حزب الله» إلى معركة داخلية، تشبه إلى حدٍ كبير أحداث السابع من أيار عام 2008، مع ما يرافق هذا السيناريو من إنهاك داخلي للحزب، في لحظة التسويات الإقليمية. أما السيناريو الثاني، فهو أن تذهب قوى الداخل اللبناني إلى قراءة سريعة للتوافق الإقليمي، وتشكِّل، على أساسه، حكومة توافقية ــــ تحاصصية، تكون انعكاساً للتوافق الإقليمي. وهو ما يدلل عليه، بإبداء «حزب الله» المرونة في الموافقة على حكومة موسعة.
ويأتي الضغط باتجاه انطلاق أعمال المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، في لاهاي، في سياق التضييق أكثر على «حزب الله»، الذي تنوي المحكمة إصدار أحكام غيابية بحق خمسة من المحسوبين على الحزب. ما يجعل من فكرة المحكمة الدولية برمتها، ورقة ضغط إضافية بيد قوى الرابع عشر من آذار، وداعميها الإقليميين، السعودية بشكلٍ أساسي. ما يفتح الباب إما إلى طي صفحة المحكمة نهائياً، كنتيجة للتوافق الإقليمي، وما يتبعه من توافق داخلي مرتبط بتشكيل الحكومة، وإما إلى ذهاب المحكمة إلى حدها الأقصى، واستصدار قرارات تقضي بملاحقة المتهمين، ما يمهد الطريق لفتح النار والمواجهات داخلياً.
وفيما تبدو الأمور، فيما يخص الحكومة اللبنانية، ذاهبة نحو التهدئة، أي إلى التوجه نحو حكومة موسعة، يتفق الطرفان على شكلها، تبقى قضايا وملفات عديدة بانتظار نضوج التسوية الإقليمية أكثر. وإلى حين نضوجها، تستثمر قوى الرابع عشر من آذار، وداعموها، الوقت بزيادة الأعباء على كاهل المقاومة عبر تصعيد الأزمات في الداخل، إما عبر التفجيرات، أو/و عبر تأزيم على صعيد تشكيل الحكومة.