لبنان: محاولة «شراء الجيش» إلى تفجيرات الضاحية
مالك موصللي مالك موصللي

لبنان: محاولة «شراء الجيش» إلى تفجيرات الضاحية

تشهد الساحة اللبنانية متغيرات متسارعة. وتتسارع معها المحاولات الرامية إلى تفسير الحدث اللبناني، إما عبر تصويره على أنه تصدير مباشراً للمشهد السوري، وإما عبر استحضار الخلاف السياسي اللبناني الداخلي.
الأسبوع اللبناني الفائت كان زاخراً بالمعطيات الملموسة

موجة التفجيرات الإرهابية ما زالت مستمرة، ارتفعت حدتها في التفجير الذي استهدف وزير المالية السابق، محمد شطح، ليتبعه تفجير الضاحية الجنوبية بخمسة شهداء وعشرات الجرحى. الصواريخ من وإلى الكيان الصهيوني، وتوظيفها لتوريط المقاومة. التعرض للجيش اللبناني، سواءً بمواجهته في صيدا وطرابلس، أو في «دعمه» مالياً، لمواجهة الإرهاب من قبل داعميه.

الفاشية الجديدة.. توسيع الرقعة

لا يمكن فهم ما يجري في لبنان بعزل أحداثه عن سياقها الدولي والإقليمي. دولياً، تسير الأمور إلى غير مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية، إذ تصارع هذه الأخيرة آلام تراجعها من جهة، وعجزها عن كسر التوازن الدولي لمصلحتها، وإمكانية حركته لمصلحة القوى الدولية الصاعدة، من جهة أخرى. يلاقي هذا الواقع الدولي صداه إقليمياً، ففي سعيها إلى اكتساب أكبر قدر من أوراق الضغط في الاستحقاقات الدولية الجديدة، تحاول الدول الإقليمية التابعة للولايات المتحدة الأمريكية أن توسِّع من نقاط العنف في المنطقة، في محاولة منها إلى عدم الاقتصار على أوراق الضغط التي يؤمنها لها تدخلها السافر في الشأن السوري.
من هنا يمكن فهم سعي السعودية، كتابع لرأس المال المالي الفاشي، وحلفائها، لإدخال لبنان في أتون العنف، وتصعيد مجرى الصراع فيه. وبهذا فقط تُترجم «هبة الـ3 مليار دولار» للجيش اللبناني، التي بادرت السعودية إلى إعلانها، على لسان الرئيس اللبناني «اليتيم داخلياً»، ميشال سليمان. كانت السعودية صريحة، تريد للجيش اللبناني أن يدخل في مواجهة مباشرة مع «حزب الله»..

الانقسام العمودي يسهِّل العنف

داخلياً، كان لبنان، ولا يزال، أرضية خصبة لـ «استضافة» عمليات تصفية الحساب الإقليمي. أدوات السعودية في لبنان غارقة في الطاعة حتى أذنيها. فؤاد السنيورة كان أول من تماشى مع «متطلبات المرحلة»، حيث بادر وفريقه إلى استثمار اغتيال وزير المالية السابق، محمد شطح، ليعلنوا أن المعركة قد بدأت للقضاء على «كل سلاحٍ غير شرعي يعلو فوق سلاح الجيش اللبناني». ويأتي التحاصص الطائفي في لبنان، والانقسام السياسي العمودي بين قوى الثامن والرابع عشر من آذار، ليمنع لبنان أكثر من مقاومة سيناريو العنف، هذا الانقسام الذي ما زال يمنع حكومة وحدة وطنية قادرة على تأمين الاستقرار، ولو كان نسبياً، من الظهور.
ما يجب فهمه جيداً، أن تفجير الوضع في الداخل اللبناني لا يأتي إلا في سياق استخدامه كورقة ضغط، في استحقاقٍ إقليمي ودولي أكبر من لبنان. وإن كان سيؤثر عليه بشيء، فهو يهدف إلى شل قدرة المقاومة، التي لها التأثير الإقليمي الأبرز، من بين كل فصائل وأحزاب الداخل اللبناني. معركة القوى الفاشية اليوم باتت محكومة بتوسيع نطاقها، وضرب المقاومة، سواءً بشكلٍ مباشر، كاغتيال رموزها وضرب قدرتها، أو بشكلٍ غير مباشر عن طريق جرجرتها للداخل السوري، أو من خلال استثمار الانقسام العمودي، واغتيال رموز «الطرف الآخر»، وإما بتصعيد السيناريو أكثر، وتمهيد الأرضية لعنف داخلي مباشر، تُستنزف فيها قدرات الجميع، بما فيهم المقاومة.