أزمة الدروع الصاروخية... الروس في مواجهة الغرب
(إنه أمر يدعو للقلق)... (مثل هذا الإجراء قد يسبب تغيّر التوازن في المنطقة بشكل جدّي)... (كنّا نتمنى من روسيا ألاّ تزعزع أمن المنطقة)... بهذه العبارات تحديداً عبّر حلف الشمال الأطلسي(الناتو) والولايات المتحدة عن رأيهم حول نشر روسيا لمنظومة (اسكندر المطوّرة) على الحدود الغربية
(أينما يحلو لنا..!)
بعد الحرب العالمية الثانية تقاسمت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي نفوذ الامبراطوريات التقليدية (الإنكليزية والفرنسية واليابانية) ونفوذ الدولة الألمانية، أزمة الصواريخ الكوبية كانت المثال الأوضح حول أهمية وخطورة نشر منظومات الصواريخ الدفاعية، حتى الآن..!
وزير الدفاع الروسي (سيرغي شويغو) علّق في الـ18 من هذا الشهر: «سمعنا الكثير من الأحاديث الفارغة عن نشرنا لصواريخنا في المكان الخاطئ. على الأرض الروسية نحن نضع صواريخنا أينما يحلو لنا، ونحن لن نقف متفرجين على الغرب والولايات المتحدة يطورون أسلحتهم ويحاصرونا بها».
وهذا الموقف الروسي أصبح أكثر شدّة من بعد اتفاق جينيف حول الملف النووي الإيراني، (سيرغي لافروف) وزير الخارجية الروسي أعلن بوضوح أن الاتفاق حول النووي الإيراني ألغى كل الحجج حول نشر الولايات المتحدة وحلف الناتو لمنظومات الصواريخ الدفاعية. لكن الأمريكيين والأوربيين في الواقع يرون غير ذلك.
وفق المنطق البسيط
برأي (أندري أكولوف)* فإنه من غير المنطقي ألا تقوم روسيا بنشر صواريخها في منطقة (كالينينغراد)، فالولايات المتحدة لديها 180 قاذفة من طراز (B61) بحمولة نووية في كل من بلجيكا وألمانيا وإيطاليا، وتجهّز كل من هولندا تركيا بطائرات من طراز (F15, F16) القادرة أيضاً على حمل أسلحة نووية، في الوقت الذي لا تنشر روسيا أية أسلحة نووية خارج أراضيها، وفي الواقع فإن القاعدة العسكرية الأمريكية في ليتوانيا والتي تتوافر فيها طائرات برؤوسس نووية تبعد 20 دقيقة فقط عن مدينة سمولنسك الصناعية الروسية.
وأيضاً فإن منطقة (كالينينغراد) هي المقر الأساسي لرادارات (فورونيتز) التي تراقب المحيط الأطلسي، في المكان ذاته الذي تجوله غواصات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا المزوّدة بالصواريخ العابرة للقارات الموجّهة لضرب روسيا منذ أيام الحرب الباردة ولليوم.
(الاسكندر) ليس الوحيد.. ولا الأقوى..
بناءً على كل ذلك يصبح مفهوماً تماماً التوجّه الروسي بنشر منظومة صواريخ (اسكندر)، والرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) عبر عن ذلك بشكل قاطع في حديثه السنوي للأمة: «الحجة التي كانت موضوعة دائماُ لنشر منظومة الدرع الصاروخية هي الملف النووي الإيراني، والآن تنحل قضية الملف تدريجياً وبالمقابل تنتشر الدرع الصاروخية أكثر وتتطور. كنا على يقين دائماً أن الهدف الحقيقي للدرع الصاروخية ليس دفاعياً فقط، بل هجومياً، والدرع موجهة ضدنا.... منظومة الصواريخ كانت مصممة للإبقاء على زعزعة التوازن العالمي، نحن نعلم ذلك، ونعلم جيداً ماذا سنفعل بخصوصه».
وحول نشر صواريخ (اسكندر) في أكثر من مكان في روسيا، وحدودها وجوارها، كرّر العديد من المسؤولين الروس رفيعي المستوى أن إثارة الجلبة كثيراً حول منظومة (اسكندر) هي أمر سخيف، لأنه أساساً هذه الصواريخ هي ليست آخر ما توصلت له الصناعة الحربية الروسية، ولا هي أقوى ما تمتلكه روسيا.!