تسارع انهيار الاقتصاد الرأسمالي العالمي
نيك بيمز نيك بيمز

تسارع انهيار الاقتصاد الرأسمالي العالمي

تتزايد التحذيرات بشأن العمليات الواسعة لطباعة النقود، لما لها من دور بالغ التأثير في نشوء أزمة مالية عالمية مجدَّداً. فالأدلّة التي توضح أنّ ضخّ الأموال في النظام المالي، من المصارف المركزيّة الرئيسيّة في العالم، لا يساهم البتّة في تعزيز النمو الاقتصادي العالمي، تزداد وتظهر، ولاسيما بمعدّلات النمو المنخفضة.

ترجمة وإعداد : ياسمين نور الدين

«حطّمت أرقام النمو المخيّبة للآمال في أوروبا واليابان الطموحات بحدوث تعافٍ اقتصادي عالمي في النصف الثاني من العام». العبارة التي أوردتها صحيفة «الفايننشال تايمز»، منذ ما يقارب الأسبوعين، تختصر واقع النمو الذي يهيِّء الظروف لأزمة مالية جديدة. فالنمو في ألمانيا (الاقتصاد الأساسي في منطقة اليورو) زاد بنسبة 0,3% فقط في الأشهر الثلاثة حتى نهاية أيلول. في حين أن الاقتصاد الفرنسي انكمش بنسبة 0,1%، بعد نمو بلغ 0,5% في الربع الماضي. أمّا في اليابان، فيبدو أن سياسة «الأبينوميكس» تفقد الزخم، بعدما انخفضت نسبة النمو للنصف تقريباً في الربع الثالث مقارنةً بالربع الثاني، فأصبحت 1,9% بعد أن كانت 3,8%.
تعزيز الاقتصاد أم حماية المؤسسات المدينة؟
في مواجهة تباطؤ النمو، يبدو أنّ سياسة مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي، القائمة على «التسهيل الكمّي» باقية. «سوق العمل والاقتصاد يقدّمان أداءً أقلّ بكثير من إمكاناتهما»، جاء هذا الكلام على لسان «جانيت يلين»، المرشحة من الرئيس الأمريكي، «باراك أوباما»، لتولي منصب رئاسة الاحتياطي الفدرالي، خلال تقديمها لشهادتها أمام اللجنة المصرفية في مجلس الشيوخ، والتي اعتبرت أنّ على هذا الأداء أن يتحسّن قبل أن يقلّل المصرف الفدرالي من حوافزه النقدية.
السبب الرسمي المُقدّم من المصرف الفدرالي والمصارف المركزية الأخرى، بشأن توفير النقود للمصارف والمؤسّسات المالية، هو أنّ ذلك ضروري لتعزيز الاقتصاد، بينما السبب الحقيقي هو معدَّلات التضخم المنخفضة، التي من شأنها أن تسبّب مشاكل ضخمة لعدد كبير من أصحاب الديون، لاسيما المؤسسات المالية. فمع هبوط الأسعار ومستويات التّضخم المنخفضة، ستبدأ القيمة الحقيقيّة للديون وتسديداتها بالإرتفاع في ظل الركود الاقتصادي.
كان هذا الاحتمال موجوداً في ذهن رئيس البنك المركزي الأوروبي (ECB)، «ماريو دراغي»، عندما أعلن عن خفض مفاجىء لمعدّلات إعادة التمويل للمصرف المركزي، من 0.5 % إلى 0.25، في وقتٍ سابقٍ من هذا الشهر، مبرّراً أنّ التوقّعات الإقتصادية قد تغيّرت فجأة على مدى الأسابيع الماضية.

خفض اليورو لتشجيع الصادرات

أضيف هبوط التّضخم هذا إلى عبء الديون في عدد من بلدان منطقة اليورو. على سبيل المثال، وبشكلٍ تقديري، تُقلِّص إيطاليا نفقاتها الحكوميّة من الناتج المحلي الإجمالي، بنسبة 3.1% تصاعديّاً، مع كل انخفاض بنسبة 1% في معدّل التّضخم. وعلى الرغم من تدابير التقشّف خلال العامين الماضيين، ارتفع دين الحكومة الإيطالية من 119% من الناتج المحلي الإجمالي إلى 133% حالها حال حكومات إسبانيا، اليونان، والبرتغال..
هذا، ويواجه «دراغي» اتهامات بشأن قيامه بالعمل لمصلحة إيطاليا، وعدّة بلدان أخرى من ضمنها فرنسا، والتي تطالب بأفعال لخفض قيمة اليورو، بغية تشجيع الصادرات، بينما تنكر جميع المصارف المركزية أنّ خفض أسعار الفائدة يهدف إلى خفض قيمة العملات، وذلك في إطار تماشيها مع التزام أعضاء مجموعة العشرين بالإمتناع عن خفض القيمة التنافسية للعملات الذي يهدّد بإشعال حرب العملات.
التوتّرات الاقتصادية المرتفعة، الانكماش، حرب العملات، التباطؤ في النمو الإقتصادي، وترافقها مع اندلاع المخاوف من أزمة مالية جديدة ناشئة، بسبب سياسات الفدرالي وباقي المصارف المركزية، كلها عوامل تشير إلى حقيقة عدم وجود تعافٍ اقتصادي، وأنّ انهيار الاقتصاد الرأسمالي العالمي، الذي بدأ منذ عام 2008، يتسارع.