مصر.. أكثر من إسقاط الإخوان!
وسيم عبدالله وسيم عبدالله

مصر.. أكثر من إسقاط الإخوان!

من كان يدرك عمق الحراك الشعبي في البلدان العربية ومنها مصر، تنبأ بأن هذا الحراك له بعد تاريخي، وسيشهد في سياق تطوره تناقضات عديدة، ومعارك على أكثر من جبهة، وهو ما نشهده من خلال الأحداث الدائرة في الجغرافية المصرية

فمن جهة أسقطت الجماهير المصرية، اثنتين من البنى التقليدية الحاكمة خلال سنتين فقط، بما تمتلكان من جبروت مالي، وإعلامي، وشبكة تحالفات إقليمية ودولية، سواء كانت نظام مبارك أو نظام حكم الإخوان المسلمين، أي أن هذه الجماهير هي التي أصبحت صانعة التاريخ المصري

شعارات جذرية!

ويمكن تلمس ذلك من خلال تلك الشعارات الجذرية التي بدأت تظهر في شعارات الشارع المصري مثل الموقف من القضية الاقتصادية الاجتماعية والاتفاقيات مع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، والتي بدأت تظهر صداها حتى في الخطاب الرسمي المصري، وخصوصاً ما يتعلق بموضوع المعونات الأمريكية.. رغم ما تمر به مصر من خطر نشر الفوضى والعمل المسلح وخصوصاً في منطقة سيناء ليتم العمل على إنهاك الجيش في صراع عبثي، الأمر الذي تدفع إليه جماعة الإخوان المسلمين..

التوجه شرقاً، والدبلوماسية الشعبية!

 اللافت في المشهد السياسي المصري مؤخراً هو الحديث عن تغيير مستوى العلاقات مع الولايات المتحدة والتوجه التدريجي نحو القوى الصاعدة على المستوى الدولي وخصوصاً مع روسيا، حيث زار موسكو مؤخراً وفد شعبي مصري دون دعوة رسمية وحسب ما صرحت به منسقة الزيارة قالت المنسقة الإعلامية للوفد الشعبي والفنانة الثورية المصرية هند عاكف في لقاء مع قناة RT إن زيارة الوفد تعتبر مبادرة غير رسمية، إذ لم يستلم أعضاؤه أية دعوات رسمية. وأوضحت أن الوفد قدم الى موسكو، أتى كي يشكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تضامنه مع الشعب المصري ووقوفه الى جانب المصريين في ثورة 30 يونيو، وفي سياق متصل كان قد تم لقاء بين مساعد وزير الخارجية الروسي للشرق الأوسط بوغدانوف والسفير المصري في موسكو بطلب من هذا الأخير، وصرحت وزارة الخارجية الروسية بهذا الصدد «أن الهدف من اللقاء   تعزيز التعاون بينهما إزاء الشؤون الدولية والإقليمية، وأشارا إلى عزم موسكو والقاهرة على تطوير التعاون الثنائي في مختلف المجاالات» وفي هذا السياق ايضاً كان لافتاً الحديث عن التنسيق في بعض القضايا الأمنية والعسكرية مؤخراً بين البلدين مؤخراً، وبمعنى آخر فان مصر تخرج من بيت الطاعة الأمريكي، وتخرج لتلعب دورها كمركز اقليمي مفترض في سياق التحولات الجارية في التوازات الدولية والإقليمية الأمر الذي يتجلى في جذرية الحراك الشعبي المصري، ودوره في التاثير بالنخب السياسية الرسمية وغيرها.

الشعوب تتعلم بتجربتها!

وعود على بدء... رغم أن الإخوان وصلوا إلى سدة السلطة بدعم مالي هائل، مسنود بامبراطورية إعلام البترودولار، ورغم تمترسهم خلف المقدس الديني ودوره في تكوين الوعي الاجتماعي في مجتمع مثل المجتمع المصري رغم كل ذلك فإن الجماهير المصرية التي تمر بمرحلة نشاط سياسي عال، أدركت عقم الارتهان إلى تيار الإسلام السياسي، وحسم الموقف معه، جماهيرياً عبر التظاهرات العارمة ضدهم، وقانونيا عبر التصدي لمحاولة الوجه الآخر للعملة الإخوانية «حزب النور» بإسباغ الصفة الدينية على الدولة المصرية عبر لجنة الخمسين لصياغة الدستور،  وعسكرياً عبر ضرب مواقع القوى الإرهابية وتصفيتها، والتي تعتبر الذراع الحديدي للقفازات الحريرية التي يلبسها الإخوان وقوى الإسلام السياسي المتأمرك والتي تستخدمها كأداة للعودة إلى السلطة أو الشروع بتدمير مصر والدخول في حرب عبثية.